زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدتُ أن أَشْتَرِيَهُ، وَظَننتُ أنه يبيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"لَا تَشْتَرِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرهم؛ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئهِ".
(لا تستردَّه (١)، ولا تعد في صدقتك): ظاهرُ النهي التحريمُ.
وقال ابن بطال: كره أكثرُ العلماء شراءَ الرجل صدقتَه، وهو قول مالك، والشافعي، والليث، والكوفيين، فإن اشتراها، لم يُفسخ البيعُ عندهم.
قال ابن القصار: وقال قوم: لا يجوز، ويُفسخ البيع.
قال ابن بطال: ولم يذكُرْ قائلي ذلك، ويشبه أن يكونوا (٢) أهل الظاهر (٣).
قال ابن المنيِّر: بل هو قول (٤) منقول في المذهب؛ فقد قال مالك في "الموازية": لا يجوز أن يعود إليه اختياراً، وإن تداولها (٥) المُلَاّك (٦).
وقال في "مختصر ابن عبد الحكم": لا تعود إليه أبداً.
قلت: والقول بعدم الجواز أسعدُ بظاهر الحديث.
وبالجملة: فلا خلاف في أن ذلك غير مباحٍ، ولا سالمٍ من الكراهة (٧)، وإنما الخلافُ في التحريم.
(١) نص البخاري: "تشتر". (٢) في "ع": "يكون". (٣) انظر: "شرح ابن بطال" (٣/ ٥٣٧). وانظر: "التوضيح" (١٠/ ٥٧٠). (٤) "قول" ليست في "ع". (٥) في "ن": "تداولتها". (٦) في "ج": "الأملاك". (٧) في "ن": "الكراهية".