أفقه من حماد» (١). ومع هَذَا فَقَدْ نقل عَبْد الرحمان بن أبي حاتم (٢)
عَنْ أمير المؤمنين في الْحَدِيْث شعبة بن الحجاج قوله:«كَانَ حماد - يعني: ابن أبي سليمان - لا يحفظ». ثُمَّ عقّب ابن أَبِي حاتم عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ:«يعني: أن الغالب عَلَيْهِ الفقه وأنه لَمْ يرزق حفظ الآثار»(٣). وَقَالَ أبو حاتم:«هُوَ صدوق ولا يحتج بحديثه، هُوَ مستقيم في الفقه، وإذا جاء بالآثار شوّش»(٤).
ومن هنا وضع علماء الجرح والتعديل قواعد في أنّ الفقهاء غَيْر الْمُحَدِّثِيْنَ يغلب عليهم الفقه دون حفظ المتون، قَالَ ابن رجب الحنبلي:«الفقهاء المعتنون بالرأي حَتَّى يغلب عليهم الاشتغال بِهِ، لا يكادون يحفظون الْحَدِيْث كَمَا ينبغي، ولا يقيمون أسانيده ولا متونه، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيراً، ويروون المتون بالمعنى، ويخالفون الحفاظ في ألفاظه»(٥). وابن رجب مسبوق بهذا التنظير فَقَدْ قَالَ ابن حِبّان:«الفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وإحكامها وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد وأسماء الْمُحَدِّثِيْنَ، فإذا رفع محدث خبراً، وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه، لَمْ أقبل رفعه إلا من كتابه؛ لأنَّه لا يعلم المسند من المرسل، ولا الموقوف من المنقطع، وإنما همته إحكام الْمَتْن فَقَطْ»(٦).
فممن ألهتهم التجارة شبيب بن سعد، قال ابن عدي: «وحدّث عنه ابن
(١) " الجرح والتعديل " ٣/ ١٦٠ (٦٤٢). (٢) هُوَ العلامة الحافظ عَبْد الرحمان بن أبي حاتم، أبو مُحَمَّد، لَهُ مصنفات مِنْهَا: " المسند " و " العلل "، ولد سنة (٢٤٠ هـ)، وتوفي سنة (٣٢٧ هـ).