للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هارون؛ إذ قال في " المدخل إلى السنن الكبرى " (٦٢٣): «هكذا رواه جماعة من الأئمة عن أبي هارون العبدي، وأبو هارون وإنْ كان ضعيفاً فرواية أبي نضرة له شاهدة»، وحسّنه العلائي في " بغية الملتمس " ٢/ ٢ فقال: «إسناده لا بأس به؛ لأنَّ سعيد بن سليمان هذا، هو النشيطي، فيه لين محتمل، حدّث عنه أبو زرعة وأبو حاتم الرازي وغيرهما». وصححه أيضاً الألباني إذ أورده في " السلسلة الصحيحة " (٢٨٠) وأسهب الكلام في تصحيحه مستنداً في ذلك إلى ما ذهب إليه الحاكم، ورد على العلائي في أنَّ سعيد بن سليمان هو الواسطي الثقة، وليس النشيطي.

أقول: هذا هو ديدن كثير من المتأخرين في تصحيح الأحاديث؛ وكأنَّهم جعلوا علم الحديث قواعد تطبّق وحسب، وهذا غير صحيح فعلم الحديث ولا سيما قضية التصحيح والتضعيف ليست عملية رياضية حسابية، بل هي جملة معطيات وقرائن تدور مع الحديث وجوداً وعدماً يعرفها أصحاب الملكة من أهل الحديث.

لذا فإنَّ الإمام أحمد كانت له نظرة أخرى لهذا الإسناد دلت على دقة ملاحظة المتقدمين من أئمة الحديث، وبُعْد نظرهم؛ إذ قال حينما سأله تلميذه مهنأ عن هذا الإسناد: «ما خلق الله من ذا شيئاً، هذا حديث أبي هارون، عن أبي سعيد» (١).

وكذا علق الترمذي عقب حديث (٢٦٥١) فقال: «هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي هارون، عن أبي سعيد».

وعلّق العلاّمة الألباني على جواب الإمام أحمد فقال: «وجواب أحمد هذا يحتمل أحد أمرين: إما أنْ يكون سعيد عنده هو الواسطي، وحينئذ فتوهيمه في إسناده إياه مما لا وجه له في نظري لثقته كما سبق، وإما أنْ يكون عَنَى أنَّه النشيطي الضعيف، وهذا مما لا وجه له بعد ثبوت أنَّه الواسطي».


(١) نقله العلامة الألباني في " السلسلة الصحيحة " (٢٨٠) ثم وقفت عليه في " المنتخب " (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>