للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وقد تقدم في غير موضع بيان ضعفه. وفيه أيضاً عياض بن عبد الله قال عنه الحافظ في " التقريب " (٥٢٧٨): «فيه لين».

وهناك علة أخرى هي الاختلاف في معنى الحديث، هل الوجهُ والكفانِ من العورة؟ يجب أن تغطيهما؟ أم غير واجب تغطيتهما؟ وهل الخمار للرأس أم للرأس والوجه معاً؟

فمنهم من اعتبره مخالفاً للكتاب والسنة وفسروا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ

جَلابِيبِهِنَّ … (١)﴾).

نقل ابن كثير في " تفسيره ": ١٥٢٦، عن ابن عباس أنَّه قال: «أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أنْ يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلالبيب ويبدين عيناً واحدة»، ونقل أيضاً عن محمد بن سيرين أنَّه قال: «سألت عبيدة السَّلماني عن قول الله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى».

وروى البخاري في "صحيحه " ٦/ ١٣٦ (٤٧٥٩) من حديث عائشة أنَّها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها.

قال ابن حجر في " الفتح " ٨/ ٦٢١ عقب (٤٧٥٩): «قوله: فاختمرن: أي غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع».

وقد خالف هذه الآراء من فَسّر قوله تعالى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾. فعن ابن عباس عدة أقوال في هذا:

قال: «الظاهر منها الكحل والخدّان» عند الطبري في " تفسيره " (١٩٦٥١)، وقال: «ما في الكف والوجه»، وقال أخرى: «الكحل والخاتم» والقولان عند البيهقي ٢/ ٢٢٥.

وقال: «والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم». عند الطبري في " تفسيره " (١٩٦٥٥).


(١) الأحزاب: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>