فالمُكَفَّر ببدعته لا تقبل روايته عند الجمهور، نقل الإمام النووي الاتفاق على ذلك (٢)، لكنه لم يوافَق على نقل الإجماع، فقد اعترض عليه في ذلك الحافظ ابن حجر والسيوطي ونقلا: بأنَّها تقبل عند قوم إن اعتقد حرمة الكذب (٣).
أما إذا لم يكن مُكفَّراً ببدعته فقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كبيراً على أقوال منها:
القول الأول: رد روايته مطلقاً وعدم الاحتجاج بها (٤). وهذا القول عزاه السيوطي لمالك (٥).
القول الثاني: تقبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، و لا يستحل الشهادة بالزور لمن وافقه سواء أكان داعية إلى بدعته أم لم يكن (٦)، قال الشافعي:«وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنَّهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم»(٧).
القول الثالث:- فصلوا ذلك: إن كان المبتدع داعية إلى بدعته لم تقبل روايته وإن لم يكن داعية قبلت، ومنهم من زاد: إن اشتملت رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته و يزينها و يحسنها ظاهراً فلا تقبل وإن لم تشتمل قبلت (٨).
(١) " النكت الوفية " ١/ ٦٤٧ بتحقيقي. (٢) انظر: " التقريب " المطبوع مع " التدريب " ١/ ٣٢٤. (٣) انظر: " نزهة النظر ": ٨٣، و" تدريب الراوي " ١/ ٣٢٤. (٤) انظر: " معرفة علوم الحديث " للحاكم: ١٣٥ ط. العلمية وقبيل (٣٣٧) ط. ابن حزم، و" الكفاية ": ١٢٠ - ١٢٥، و" معرفة أنواع علم الحديث ": ٢٢٨ - ٢٢٩ بتحقيقي، و " الخلاصة ":٩٥، و" المنهل الروي ": ٦٧، و" التنكيل " ١/ ٤٤ و ما بعدها، و" شرح السنة " ١/ ٢٤٨، و" شرح علل الترمذي " ١/ ٥٣ ط. عتر و ١/ ٣٥٦ ط. همام، و" اختصار علوم الحديث ": ١٦٨ - ١٦٩ بتحقيقي، و" شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٣٢٩ بتحقيقي، و" المنهج الحديث " للسماحي: ١٤٣. (٥) انظر: " تدريب الراوي " ١/ ٣٢٤. (٦) المصادر السابقة. (٧) " الكفاية ": ١٢٠. (٨) انظر: " نزهة النظر ": ٨٤.