وأما الأمر الثاني: فكلُّ ما تعلقوا به لتصحيح الحديث مرجوحٌ (١) فقول ابن التركماني: «ويمكن أنْ يجاب عن الأولى والانقطاع بين ثور ورجاء بما تقدم من رواية داود بن رشيد» هذا الكلام يجاب عنه من وجهين:
الأول: ما أخرجه: البيهقي ١/ ٢٩٠ - ٢٩١ من طريق أحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني، قال: حدثنا داود بن رشيد فذكره بمعناه وقال: «عن رجاء»، ومن المهم أنْ نذكر أنَّ البيهقي خرج هذه الرواية عقب الرواية التي ذكر فيها سماع ثور من رجاء، وهذا الصنيع يدل على إعلال هذه بتلك.
والثاني: ما قاله ابن حجر في " التلخيص الحبير " عقب (٢١٨): «فهذا ظاهره أنَّ ثوراً سمعه من رجاء فتزول العلة، ولكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في " مسنده "، عن أحمد بن يحيى الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال: عن رجاء، ولم يقل حدثنا رجاء، فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة وصله مع ما تقدم في كلام الأئمة».
ثم إنَّ ابن التركماني أحال صحة السماع من عدمها على مدى ضبط داود لصيغة السماع.
وأما الأمر الثالث: فقوله: «ويجاب عن الثانية بأنَّ الوليد بن مسلم زاد في الحديث ذكر المغيرة، وزيادة الثقة مقبولة، وتابعه على ذلك ابن أبي يحيى، كذا أخرجه عنه البيهقي في كتاب " المعرفة "».
قلت: إن كانت المسألة مسألة زيادة ثقة فإنَّ عبد الله بن المبارك أولى بها من الوليد، قال الشافعي في " اختلاف الحديث ": ٢١٩: «إنَّما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه أو يأتي بشيء في الحديث يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ، وهم عدد وهو منفرد»، وقال ابن حجر في " نكته ": ٤٦٥ بتحقيقي: «وفي سؤالات السلمي: أنَّ الدارقطني سُئل عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات؟ قال: ينظر ما اجتمع عليه ثقتان فيحكم بصحته، أو جاء بلفظة زائدة فتقبل تلك الزيادة من متقن، ويحكم لأكثرهم حفظاً وثبتاً على من
(١) ولما اجتمعت الأقوال فسوف يكون الرد على ابن التركماني في كتابه رداً على الكل.