للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما العلة الرابعة: وهي جهالة كاتب المغيرة، فقد رواه ابن ماجه في

"سننه "، وقال: عن رجاء بن حيوة، عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة، وقال شيخنا أبو الحجاج المزي (١): رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة. تم كلامه - يعني: كلام شيخه أبي الحجاج المزي - وأيضاً فالمعروف بكتَّابةِ المغيرة هو مولاه وراد، وقد خرّج له في الصحيحين، وإنما ترك ذكر اسمه في هذه الرواية؛ لشهرته وعدم التباسه بغيره، ومن له خبرة بالحديث ورواته لا يتمارى في أنَّه وراد كاتبه.

وبعد: فهذا حديث قد ضعّفه الأئمة الكبار: البخاري، وأبو زرعة، والترمذي، وأبو داود، والشافعي، ومن المتأخرين أبو محمد بن حزم، وهو الصواب؛ لأنَّ الأحاديث الصحيحة كلها تخالفه، وهذه العلل وإن كان بعضها غير مؤثر، فمنها ما هو مؤثر مانع من صحة الحديث، وقد تفرّد الوليد بن مسلم بإسناده ووصله، وخالفه من هو أحفظ منه وأجلّ، وهو الإمام الثبت عبد الله بن المبارك، فرواه عن ثور، عن رجاء، قال: حُدثت عن كاتب المغيرة، عن النبيِّ ، وإذا اختلف عبد الله بن المبارك والوليد بن مسلم فالقول ما قال عبد الله، وقد قال بعض الحفّاظ (٢): أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين: أحدهما: أنَّ رجاءً لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنما قال: حُدِّثْتُ عنه. والثاني: أن ثوراً لم يسمعه من رجاء، وخطأ ثالث: أنَّ الصواب إرساله، فميز الحفّاظ ذلك كله في الحديث وبينوه، ورواه الوليد معنعناً من غير تبيين، والله أعلم» انتهى كلامه.

قلت: وخالف هؤلاء الأئمة وهم ثلاث عشرة نفساً ابنُ التركماني وأحمدُ شاكر فذهبا إلى تصحيح الحديث، فقال ابن التركماني في " الجوهر النقي " ١/ ٢٩٠ - ٢٩١: «حاصله أنَّه ذكر في الحديث علتين: إحداهما: أنَّ ثوراً لم يسمعه من رجاء، الثانية: أنَّ كاتب المغيرة أرسله، ويمكن أنْ يجاب


(١) في " تحفة الأشراف " ٨/ ٢٠٢ (١١٥٣٧).
(٢) كأنَّ المراد به ابن حزم فإنَّ هذا الكلام يشبه الكلام الذي نقلناه عنه في " المحلى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>