وَكَانَ الحافظ العراقي لا يتعجب من رد البخاري الخطأ إلى الصواب؛ لسعة معرفته واطلاعه، وإنَّما كَانَ يعجب من حفظ الأحاديث المقلوبة عَلَى الموالاة من مرة واحدة (١).
وَقَدْ وقع نحو هَذَا الامتحان لعدد من الْمُحَدِّثِيْنَ مِنْهُمْ: أبان بن عياش اختبره شعبة (٢)، وأبو نعيم الفضل بن دكين امتحنه يحيى بن معين (٣)، وأبو جعفر العقيلي (٤)، ومحمد بن عجلان (٥)، وغيرهم.
وفي جواز قلب الأحاديث لامتحان حفظ المشايخ خلاف، إِذْ لَمْ يرتضه بعض الْمُحَدِّثِيْنَ مثل: حرمي بن عمارة (٦)، ويحيى بن سعيد القطان (٧)، قَالَ الحافظ العراقي:«وهذا يفعله أهل الْحَدِيْث كثيراً، وفي جوازه نظر، إلا أنَّه إذا فعله أهل الْحَدِيْث لا يستقر حديثاً»(٨)، فجوازه إذن مشروط بالبيان (٩).
قال ابن حجر:«وقد يقع الإبدال عمداً لمن يراد اختبار حفظه امتحاناً من فاعله، كما وقع للبخاري والعقيلي وغيرهما، وشرطه أنْ لا يستمر عليه، بل ينتهي بانتهاء الحاجة، فلو وقع الإبدال عمداً لا لمصلحة بل للإغراب مثلاً.
فهو من أقسام الموضوع، ولو وقع غلطاً، فهو من المقلوب أو المعلل» (١٠).