المغيرة، عن حُميد، قال: أذَّنَ بلال بليلٍ فقال رسول الله ﷺ: «ارجعْ إلى مقامِكَ فنادِ ثلاثاً: ألا إنَّ العبدَ قد نامَ» وهو يقول:
ليت بلالاً لم تلده أمه … وابتل من نضح دم جبينه
فنادى ثلاثاً: إنَّ العبد قد نام.
هذانِ إسنادان قويانِ إلى حُميد. قال الزيلعي في" نصب الراية "١/ ٢٨٤: «قال البيهقي: هذا مرسل، قال في "الإمام": لكنَّه مرسلٌ جيدٌ ليس في رجاله مطعون فيه» (١).
وجاء في " مختصر خلافيات البيهقي" ١/ ٤٦٦ - ٤٦٧ ما نصه:«ورواه إسماعيل بن مسلم، عن حُميد، عن أبي قتادة، حُميد لم يلقَ أبا قتادة فهو مرسلٌ بكلِّ حالٍ». وانظر:" إعلام الموَقّعين " لابن القيم ٢/ ٤٦٧.
هكذا أعله - رحمه الله تعالى - وفي هذا نظرٌ شديدٌ؛ فإنَّ رواية حُميد عن أبي قتادة ثابتة كما في " صحيح مسلم " ٨/ ١٧٧ (٢٨٩٩)(٣٧)، وذكر المزي في " تهذيب الكمال" ٢/ ٣١١ (١٥٢٦) أبا قتادة من شيوخ حُميد، هذا من جهة. ومن جهة ثانية فإنَّ هذه الرواية لم أقف على من أسندها، ولم أقف على هذا النصِّ في " السنن الكبرى " للبيهقي. فلعلَّ ابن فرج اللخمي ﵀ وقع له بعض اللَّبسِ، وله أن يُعلَّ الروايةَ بإرسال أبي قتادة، واسمه تميم بن نُذَيْر العَدَوي البصري، رجَّحَ المحدّثون الحفّاظ بأنَّه من التابعين ولم تثبت له صحبة، قال أبو حاتِم:«روايته عن بلال مرسلة»(٢).
فالرواية إنَّما تعرف مرسلةً، ولا تقوم بالمرسل حجة، فكيف إذا خالف السنة الصحيحة الصريحة؟!.
انظر:" إتحاف المهرة " ١٨/ ٥٤٧ (٢٤١٦٢).
(١) أقول: أما السند بلى، لا مطعون فيه، ولكن متنه منكر، فنكارة المتن دليل على ضعفه. (٢) انظر: " المراسيل " لابن أبي حاتم (٥٩)، و " التقريب " (٨٣١٢).