حَدِيث عَمَّار عن النَّبي ﷺ في التيمم للوجه والكفين؛ لما روي عَنْهُ حَدِيث المناكب و الآباط" (١).
وَقَالَ ابن عَبْد البر: "كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب عن عمار فمضطرب مختلف فِيهِ" (٢).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وهذا حديث منكر جدًّا - يعني: الحديث الأول عن عمار - لم يزل العلماء ينكرونه، وقد أنكره الزهري راويه وقال: هو لا يعتبر به الناس، ذكره الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، وروي عن الزهري أنَّه امتنع أنْ يحدث به، وقال: لم أسمعه إلا من عبيد الله، وروي عنه أنَّه قال: لا أدري ما هو! وروي عن مكحول أنَّه كان يغضب إذا حدث الزهري بهذا الحديث، وعن ابن عيينة أنَّه امتنع أنْ يحدث به وقال: ليس العمل عليه، وسئل الإمام أحمد عنه فقال: ليس بشيء، وقال أيضًا: اختُلفوا في إسناده وكان الزهري يهابه وقال: ما أرى العمل عليه." (٣).
إلا أنَّ بَعْض العُلَمَاء حاولوا أنْ يوفقوا بَيْنَ الحديثين الأول والثَّانِي باعتبار التقدم والتأخر، وباعتبار أنَّ الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبي ﷺ. قَالَ الأثرم: "إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيِ ﷺ كَمَا حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب؛ فعلّمه ﵊" (٤).
وَقَالَ ابن حبان: "كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ تعليم النَّبيِ ﷺ عمارًا كَيْفِيَة التيمم، ثُمَّ علّمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النَّبيَ ﷺ عن التيمم" (٥).
وَقَالَ البَغَوِي: "وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا إلى المناكب، فَهُوَ حكاية فعله، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله ﷺ" وقال: "كَمَا حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة، فلما سأل النَّبيَ ﷺ وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه،
(١) جامع التِّرْمِذِي عقب (١٤٤). (٢) " التمهيد " ٧/ ١٨٠. (٣) " فتح الباري " ٢/ ٢٥٢. (٤) " نصب الراية " ١/ ١٥٦ (٥) في " صحيحه " عقب (١٣١٠).