للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث يعني: ما روي عنه أنه قال: «ما أتاكم عني فاعرضوه على كتابِ اللهِ … »، وكذلكَ نقلَ عن الأوزاعيِّ عن مكحولٍ، قال: «القرآنُ أحوجُ إلى السُّنةِ من السُّنةِ إلى الكتابِ».

قلت: ومما يدل على بطلانه ونكارة متنه أنَّ هذا الحديث لا يشبه كلام النبوة.

أقول: مما تقدم يتبين أن عامة طرق الحديث ضعيفة لا يصح منها شيء خلا وجهين. الأول: طريق يحيى بن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة وهذا الإسناد من حيث القواعد الحديثية أقوى من المعل له، من حيث إن إبراهيم بن طهمان، وصف بالإغراب، يعني: الإغراب عن الثقات، في حين نال يحيى بن آدم من الدرجات أعلاها كما تقدم في الترجمة له، وإسناد يحيى موصول، والإسناد الآخر مرسل فيكون الأول في حيز القبول.

والآخر: طريق سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد ابن سويد، عن أبي حميد وأبي أسيد، وهذا الإسناد لا يقل جودة عن سابقة، فهو متصل بثقات، وخرجه ابن حبان في موضع الاجتهاد مستدلاً على صحته عنده.

وقد تقدم أن الحديث الأول أعله الأئمة بالإرسال، والآخر بالوقف. ولكننا نذهب إلى أبعد من ذلك ونقول: إن الحديث باطل، ولو كان بإسناد ساطع كالشمس في ضحاها ولو صححه من صححه، ولو احتج به من احتج، ولو حدث به من حدث، فإن نكارته بينة لمن منحه الله فهماً لكلام نبيه . فهذا نبينا يقول: «من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» (١) هذا هو قول النبي صريحٌ بأن من كذب على النبي سواءٌ كان كذبه موافقاً للقرآن أو معارضاً له داخلٌ في حد الكذابين، وقد تبوأ مقعده في


(١) هذا الحديث صحيح متواتر من أصح الأحاديث وأقواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>