وقد اختلف أهل العلم في لفظي القضاء والقدر هل هما بمعنى واحد أم معان متغايرة، واختلف القائلون بالتّغاير بينهما في تحديد وجهه (١).
يقول ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في ذلك:"اعلم أنّ من المهمّ الفرق بين القضاء والقدر، فإنّه قد استشكل، فالقضاء إيجاد جميع المخلوقات في اللوح، والتّقدير إيجادها في العيان، ولذلك قال تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان: ٢]، أي: فأبرزه على ما سبق في علمه، فجاء الوجود الخارجي على طبق الوجود العلمي"(٢).
وقال في موضع آخر:"القضاء -عند الأشعرية- إرادته الأزليّة المتعلّقة بالأشياء على ما هي عليه، والقدر: إيجاده إياها على قدر مخصوص وتقدير معيّن في ذواتها وأفعالها.
والقضاء: علمه أولًا بالأشياء على ما هي عليه، والقدر: إيجاده إيّاها على ما يطابق العلم" (٣).
وما ذكره ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ هو مذهب بعض الأشاعرة لا كلّهم كما تُوهِمُ عبارته (٤).
= جامع الرسائل (٢/ ٣٥٥)، مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٨ - ١٤٩)، شفاء العليل (١/ ١٣٣)، فتح الباري (١/ ١١٨)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٤٥) (١/ ٣٤٩)، الدرر السنية (١/ ٥١٢)، فتاوى ابن عثيمين (٢/ ٧٩ - ٨١). (١) انظر: الأربعين في أصول الدين للغزالي (ص ٢٤)، المفردات للراغب الأصفهاني (ص ٤٢٢)، فتح الباري (١١/ ١٤٩، ٤٧٧)، عمدة القاري للعيني (٢٣/ ١٤٥)، إرشاد الساري للقسطلاني (٩/ ٣٤٣)، الدين الخالص (٣/ ١٥٤)، الدرر السنية (١/ ٥١٢)، فتاوى ابن عثيمين (١/ ٥٢، ٦٢)، وللاستزادة: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة د. المحمود (ص ٣٠). (٢) أسنى المطالب (ص ٣٥). (٣) فتح المبين (ص ٧٢). (٤) انظر: الأربعين في أصول الدين للغزالي (ص ٢٤)، المفردات للراغب الأصفهاني (ص ٤٢٢)، فتح الباري (١١/ ١٤٩، ٤٧٧)، عمدة القاري للعيني (٢٣/ ١٤٥)، إرشاد الساري للقسطلاني (٩/ ٣٤٣).