وسئل أحمد عن قول عائشة:"من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية"، فقال: يدفع قولها بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت ربي"(١)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أكبر"(٢).
وقال في سياق ذكر معتقده في الرؤية:"وتجوز رؤيته في الدنيا، لكن لم تقع يقظة إلا لنبينا - صلى الله عليه وسلم - بعيني رأسه ليلة المعراج التي أسرى فيها بجسمه الشريف يقظة"(٣).
التقويم:
اختلفت أقوال السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه ليلة المعراج، وهي في مجملها على ثلاثة أضرب:
الأول: أقوال تثبت الرؤية مطلقًا.
الثاني: أقوال تنفي الرؤية مطلقًا.
الثالث: أقوال تقيد الرؤية بالرؤية القلبية لا البصرية.
ومن ثم اختلف أهل العلم بعدهم في تحرير أقوالهم على مذهبين:
المذهب الأول: من يرى أن الاختلاف بين أقوالهم اختلاف تضاد لا تنوع يوجب الترجيح بينها لا الجمع، واختلف القائلون بذلك في القول الراجح منها ووجهه.
والمذهب الثاني: من يرى أن الاختلاف بين أقوالهم اختلاف تنوع لا
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣٥٠) برقم (٢٥٨٠)، وابن أبي عاصم في السنة (١/ ١٩١) برقم (٤٤٠)، وعبد الله بن أحمد في السنة (٢/ ٤٨٤) برقم (١١١٦)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٥١٢) برقم (٨٩٧)، والدارقطني في الرؤية (ص ٣٤٥) برقم (٢٦٤) من طرق عن أسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، به. قال الهيثمي في المجمع (١/ ٧٨): "رجاله رجال الصحيح". والحديث صححه الألباني في تحقيقه للسنة لابن أبي عاصم. (٢) المنح المكية (١/ ٤٢٢ - ٤٢٤). (٣) التعرف (١/ ١١٠)، وانظر: الفتاوى الحديثية (ص ٢٠٠، ٢٨٨).