أ - أنه لا يظن بكليم الله ورسوله، وأعلم الناس به في وقته أن يَسأل ما لا يجوز عليه، بل هو من أعظم المحال.
ب - أن الله تعالى لم ينكر عليه سؤاله، ولما سأل نوح عليه السلام ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله، وقال:{إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود: ٤٦].
جـ - أنه تعالى قال:{لَنْ تَرَانِي} ولم يقل: إني لا أُرى، أو لا تجوز رؤيتي، أو لست بمرئي، والفرق بين الجوابين ظاهر.
د - أن الله تعالى قادر على أن يجعل الجبل مستقرًا، وذلك ممكن، وقد علّق به الرؤية، ولا يجوز تعليق المحال بممكن (١).
أن النفي الوارد في الآية المراد به أبصار أهل الدنيا على أحد القولين في الآية (٢).
يقول الإمام أحمد رحمه الله في تفسيرها: "يعني في الدنيا دون الآخرة؛ وذلك أن اليهود قالوا لموسى: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا وعوقبوا بقولهم أرنا الله جهرة، وقد سأل مشركو قريش النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أو تأتي بالله والملائكة قبيلًا، فلما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المسألة قال الله تعالى:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}[البقرة: ١٠٨] حين قالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة، فأنزل الله سبحانه يخبر أنه لا تدركه الأبصار أي: أنه لا يراه أحد في الدنيا دون الآخرة، فقال: لا تدركه
(١) انظر: حادي الأرواح (ص ٢٦٧ - ٢٦٩)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢١٣). (٢) انظر: تفسير ابن جرير (٥/ ٢٩٦)، تفسير ابن أبي زمنين (٢/ ٨٩)، تفسير السمعاني (٢/ ١٣٣)، تفسير البغوي (٣/ ١٧٤)، تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٠).