فهؤلاء سووا بين الأجناس الثلاثة" (١)، وقالوا: "الفرق هو دعوى النبوة والتحدي بالمثل، وهذا غلط فإن آيات الأنبياء - عليه السلام - التي دلت على نبوتهم، هي أعلى مما يشتركون فيه هم وأتباعهم؛ مثل الإتيان بالقرآن، ومثل الإخبار بأحوال الأنبياء المتقدمين وأممهم، والإخبار بما يكون يوم القيامة، وأشراط الساعة ... " (٢).
وعليه فإن الحق أن الكرامة دون المعجزة في خرقها للعادة، وأن الفرق بينهما لا ينحصر في دعوى النبوة ودلالة كل منهما، بل إنهما يفترقان في أمور عديدة، منها:
١ - أن الكرامة دون المعجزة في خرق العادة.
٢ - أن الكرامة معتادة في الصالحين بخلاف المعجزة فهي خارقة لعادة البشر.
٣ - أن الكرامة تابعة للمعجزة ودليل من دلائل النبوة، فإن الولي لم تحصل له الكرامة إلا لاتباعه النبي، ولو لم يتبعه لما وقعت له.
٤ - أن الكرامة ينالها الولي بفعله كعبادته ودعائه، بخلاف المعجزة فإنها غير مكتسبة (٣).
وأما ما ذكره ابن حجر - رحمه الله - في الفرق بين الكرامة وخوارق السحر فهو موافق لما عليه أهل السنة والجماعة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وبين كرامات الأولياء وبين ما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة، منها: أن كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية يكون سببها ما نهى الله عنه ورسوله، ويستعان بها على ما نهى الله عنه ورسوله" (٤).
(١) النبوات (١/ ٦٠٦). (٢) المصدر السابق (١/ ٥٢٦). (٣) انظر: النبوات (١/ ٥٥٨ - ٥٦٠)، وللاستزادة: كرامات الأولياء لعبد الله العنقري (ص ٣٠ - ٣٧). (٤) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص ٣٢٧)، وانظر: قطر الولي على حديث الولي للشوكاني (ص ٢٧٢).