ورواه ابن شاهين (١) عنها بلفظ: حج بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع ومر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم، فبكيت لبكائه، ثم إنه نزل فقال:"يا حميراء، استمسكي" فاستندت إلى جنب البعير، فمكثت مليًا، ثم عاد إليَّ وهو فرح مبتسم فقال:"ذهبت لقبر أمي، فسألت ربي أن يحييها، فأحياها فآمنت بي".
وكذا جاء من حديثيهما أيضًا: أحيا أبويه - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهما حتى آمنا به، رواه الخطيب وكذا السهيلي (٢)، وقال: في سنده مجاهيل، وابن كثير قال: منكر جدًّا وسنده مجهول، وليس كما قال مطلقًا" (٣).
"والأحاديث مصرحة لفظًا في أكثره، ومعنى في كله، أن آباء النبي - صلى الله عليه وسلم - غير الأنبياء وأمهاته إلى آدم وحواء ليس فيهم كافر؛ لأن الكافر لا يقال في حقه إنه مختار، ولا كريم، ولا طاهر، بل نجس كما في الآية:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨]، ... وأيضًا قال تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)} [الشعراء: ٢١٩]، على أحد التفاسير فيه أن المراد تنقل نوره من ساجد إلى ساجد ... " (٤).
التقويم:
القول بحياة أبوي النبي وإيمانهما به بعد وفاتهما قرره غير واحد من المتصوفة (٥) وهو قول باطل من وجوه:
(١) هو عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي، أبو حفص، المشهور بابن شاهين، سلفي ثقة حافظ، من مؤلفاته: شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين، وناسخ الحديث ومنسوخه، وتاريخ أسماء الثقات وغيرها، توفي سنة ٣٨٥ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٤٣١)، شذرات الذهب (٣/ ١١٧). (٢) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي السهيلي، عالم باللغة والسير، من مؤلفاته: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، تفسير سورة يوسف، نتائج الفكر وغيرها، توفي سنة ٥٨١ هـ. انظر: وفيات الأعيان (١/ ٢٨٠)، تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٧). (٣) المولد الشريف (ص ٦٥)، وانظر: أشرف الوسائل (ص ٣٩)، المنح المكية (١/ ١٥١، ١٦٥)، الزواجر (١/ ٣٣)، العمدة شرح البردة (ص ٣٢٤). (٤) المنح المكية (١/ ١٥١). (٥) انظر: الرسائل التسع للسيوطي (ص ١٣٩ - ١٩٧، ٢٠١ - ٢٢١). الحاوي له (٢/ ٢٠٢ - ٣٣٣).