وأما السُّنَّة: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"(١).
وأما الإجماع:"فقد أجمع المسلمون على حسن إطلاق الرحمة على الله، من غير قرينة تشعر بالتأويل، ولا تَوَقُّف على عبارة التنزيل"(٢).
والرحمة المضافة إليه سبحانه نوعان:
أحدهما: رحمة مضافة إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها، كقوله تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}[الأعراف: ١٥٦]، وقوله:{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ}[الأنعام: ١٣٣].
وهذه الرحمة صفة يتصف بها سبحانه على ما يليق بجلاله.
وهذه الرحمة ليست صفة لله تعالى، بل هي أثر رحمته التي هي صفته، وتسمية الأشاعرة هذا النوع صفة فعل غلط؛ لأن الله - عَزَّ وَجَلَّ - لا يوصف بما خلقه منفصلًا عن ذاته (٣).
وتأسيسًا على ما سبق فإن أهل السنة والجماعة يثبتون الرحمة صفة لله تعالى، كما أثبتها سبحانه لنفسه وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما تأويل ابن حجر لها لإرادة الإنعام أو الإنعام نفسه فهو مردود بما يلي:
١ - أن هذا تأويل، والتأويل بهذا المعنى في نصوص الصفات باطل -كما سبق- (٤).
(١) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٤/ ٢٣٢٦) برقم (٧٤٤٨)، ومسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت (٢/ ٦٣٥) برقم (٩٢٣) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - به. (٢) إيثار الحق على الخلق لابن الوزير (ص ١٢٧). (٣) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ١٨٣)، الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية للفياض (ص ٩٣)، التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية لابن رشيد (ص ٧٧)، شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (٢/ ١٨٥). (٤) انظر: (ص ٢٩٧).