يقول الإمام الخطابي رحمه اللهُ:"وحديث النهي عن إتيان الكهان يشتمل على النهي عن هؤلاء كلهم [يعني: العرّاف وما في معناه] وعلى النهي عن تصديقهم والرجوع إلى قولهم"(١).
وهذه الأحكام التي ذكرها ابن حجر يدل عليها أحاديث كثيرة منها:
ما جاء عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أتى عرّافًا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"(٢).
وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أتى عرّافًا أو كاهنًا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -"(٣).
وما رواه عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ليس منا من تطير أو تُطيّر له، أو تكَهَّن أو تُكُهّن له"(٤).
فقد تضمنت هذه الأحاديث ثلاثة أحكام:
الأول: حرمة إتيان الكهان والعرافين ومن في معناهم وسؤالهم سواء صدقهم أو لم يصدقهم أو شك في خبرهم، بخلاف من أتى إليهم وسألهم
(١) معالم السنن (٥/ ٣٧١). (٢) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان (٤/ ١٧٥١) برقم (٢٢٣٠). (٣) أخرجه أحمد (١٥/ ٣٣١) برقم (٩٥٣٦)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (١/ ٤٣٠) برقم (٥٠٣)، والحاكم (١/ ٨)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٣٥). قال الحاكم: "صحيح على شرطهما جميعًا، ولم يخرجاه". وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ١١٧): "رجاله رجال الصحيح، خلا عقبة بن سنان وهو ضعيف"، وجَوَّدَ إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/ ٢١٧). (٤) أخرجه البزار في مسنده (٩/ ٥٢) برقم (٣٥٧٨)، والدولابي في الكنى (٢/ ١٦٦)، والطبراني في الكبير (١٨/ ١٦٢) برقم (٣٥٥) من طريق إسحاق بن الربيع أبي العطار عن الحسن عن عمران بن حصين به. قال الهيثمي في المجمع (٥/ ١٠٣ - ١٠٤): "رواه الطبراني، وفيه إسحاق بن الربيع، وثقه أبو حاتم، وضعفه عمرو بن علي، وبقية رجاله ثقات". وجَوَّدَ إسناده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٣٣)، والحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/ ٢٢٤). والحديث له شواهد فقد روي مرفوعًا من حديث ابن عباس وعلي - رضي الله عنهم -.