وقد رُوي:"يُصَلّي"، وفيه إشْكَال؛ لأنّه لا يجوز أن تقُول:"سَمعتُ زيدًا يضرب عمرًا"، إلا أنْ تقَدِّر:"فلم أسْمَع صَوت أحَدٍ منهم يُصلّي"، فيكون "يُصلي" في محلّ صفة أخرى.
و"أحَد" هنا جاءت على [أصلها](١) بعد نفي (٢).
قال ابنُ مالك: وقد جاءت في الإثبات في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا أقُولُ: إنّ أحَدًا أفْضَل مِن يُونُسَ بْنِ مَتَّى"(٣). وإنما استعملت في الإثبات؛ لأنَّ فيه معنى النفي، وذلك بمعنى:"لا أحَد أفضل من يونس"، والشّيء قد يُعطى حُكم ما هو في معناه وإن اختلف فيه اللفظ (٤).
قلتُ: ومن ذلك قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ}[الأحقاف: ٣٣]، فأجري في دخول "الباء" على الخبر مجرى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ}[يس: ٨١]؛ لأنّه في معناه (٥).
(١) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب). (٢) لا تأتي "أحد" إلا بعد نفي محض، أو شبهه، أو نهي. انظر: شرح التسهيل (٢/ ٤٠٤، ٤٠٥). (٣) متفق عليه: البخاري (٣٤١٥)، ومسلم (٢٣٧٣، ١٥٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٤) انظر: شواهد التوضيح (ص ٢٧٢). (٥) انظر: شواهد التوضيح (ص ٢٧٢).