كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب - ت التركي

باب الذال - [٢٨٨٦] أبو ذؤيب الهذلي الشاعر - ج: 7 - ص: 142

حُزْنًا وبِتُّ بأطولِ ليلةٍ لا يَنْجابُ دَيْجُورُها (١)، ولا يَطْلُعُ نورُها، فظَلَلْتُ أُقَاسِي طُولَها حتَّى إذا كان قُرْبُ السَّحَرِ أَغْفَيْتُ، فهتَف بي هاتفٌ، وهو يقولُ:

خَطْبٌ أَجَلُّ أَنَاخَ بالإسلامِ … بينَ (٢) النَّخِيلِ ومَعْقِدِ الآطَامِ

قُبِضَ النَّبِيُّ محمدٌ فعُيُونُنا … تُذْرِي الدُّمُوعَ عليه بِالتَّسْجَامِ (٣)

قال أبو ذُؤَيْبٍ: فوَثَبْتُ مِن منامِي (٤) فَزِعًا، فنظَرْتُ إلى السَّماءِ، فلم أرَ إلا سعدَ الذَّابِحَ (٥)، فتفَاءَلْتُ به [ذَبْحًا يقعُ] (٦) في العربِ، وعلِمتُ أنَّ النبيَّ ﷺ قَد قُبِضَ، وهو مَيِّتٌ مِن عِلَّتِه، فرَكِبْتُ ناقتِي وسِرْتُ، فلمَّا أصبَحتُ طلَبتُ شيئًا أَزْجُرُ به، فَعَنَّ لي شَيْهمٌ - يعني القُنْفُذَ (٧) - قد قَبَضَ على صِلٍّ - يعني الحَيَّةَ - فهي تَلْتَوِي عليه، والشَّيْهَمُ يَقْضَمُها حَتَّى أكَلها، فزَجَرتُ ذلك، [وقلتُ: شَيْهَمٌ] (٨): شيءٌ مُهِمٌّ، والتواءُ الصِّلِّ: التواءُ الناسِ عن (٩) الحقِّ على القائمِ بعدَ

---

(١) الدَّيْجُور: الظُّلْمة. لسان العرب ٤/ ٢٧٨ (د ج ر).
(٢) في غ: "على".
(٣) سجمت السحابة مطرها تسجيما وتسجامًا: إذا صبته. تهذيب اللغة ١٠/ ٦٠١.
(٤) في ي ٣، غ، ر، م: "نومي".
(٥) سعد الذابح: منزل من منازل القمر، أحد السُّعُود، وهما كوكبان نَيِّران بينهما مقدار ذراع في نحر واحد، منها نجم صغير قريب منه كأنه يذبحه، فسمي لذلك ذابحًا، والعرب تقول: إذا طلع الذابح انحجر النابح. لسان العرب ٣/ ٢١٣ (ذ ب ح).
(٦) في غ: "شيئًا سيقع"، وفي ر: "شيئًا يقع".
(٧) بعده في غ، ر، م: "و".
(٨) في م: "فقلت: الشيهم".
(٩) في غ، ر: "على".