قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- السعة والبركة، أَمَرَ لي بِصَدَقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إليّ] (١).
وأخرج أبو داود بسند حسن عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة، قالت: [ظاهرَ مني زوجي أوسُ بن الصامت، فجئت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أشكو إليه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجادلني فيه، ويقول:"اتقي اللَّه فإنه ابن عمك"، فما برحت حتى نزل القرآن:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى الفرض فقال: "يعتق رقبة"، قالت: لا يجد، قال:"فيصوم شهرين متتابعين"، قالت: يا رسول اللَّه، إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال:"فليطعم ستين مسكينًا"، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأتِيَ ساعتئذ بِعَرَقٍ (٢) مِنْ تَمْرٍ، قلت: يا رسول اللَّه، فإني أعينه بعَرَق آخر، قال:"قد أحسنت، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك"] (٣).
وله شاهد عنده من طريق سليمان بن يسار قال: [فَأُتِيَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتمر فأعطاه إياه، وهو قريب من خمسة عشر صاعًا، قال:"تَصَدَّق بهذا" قال: فقال: يا رسول اللَّه، على أفْقَرَ مني ومن أهلي؟ فقال رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كله أنت وأهلك"] (٤).
فقه أحكام الظهار:
١ - من قال لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي فهو مظاهر. قال تعالى:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ}.
٢ - المظاهر تحرم عليه زوجته، فلا يطؤها ولا يستمتع منها بشيء حتى يكفّر.
ففي سنن أبي داود عن عكرمة:[أن رجلًا ظَاهَر من امرأته فرأى بريق ساقها في القمر فوقع عليها. فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمره أن يكفر].
وفي لفظ: [أن رجلًا ظَاهَر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يُكَفر، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
(١) حديث صحيح. أخرجه أبو دواد (٢٢١٣)، والترمذي (٣٢٩٩)، واللفظ له، وابن ماجة (٢٠٦٢)، والحاكم (٢/ ٢٠٣)، وكذلك نحوه (٢/ ٢٠٤). وانظر صحيح الترمذي (٢٦٢٨). (٢) العَرَقُ: هو زنبيل يسع خمسة عشر صاعًا أو أكثر. (٣) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٢٢١٤) - تفريع أبواب الطلاق - باب في الظهار، وانظر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (١٩٣٤). (٤) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٢٢١٧) - الباب السابق. انظر صحيح سنن أبي داود (١٩٣٧).