أخرج الإمام مسلم عن عبد اللَّه بن عمر:[أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما انطلق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في رهط قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أُطُمِ بني مَغَالَةَ، وقد قارب ابنُ صياد يومئذ الحُلُمَ، فلم يشعر حتى ضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظهره بيده ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن صياد: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فنظرَ إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسولُ الأمِّيين، فقال ابن صياد لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فرفضَهُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: آمنت باللَّه وبرسله، ثم قال رسول اللَّه ماذا ترى؟ قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذبٌ، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: خُلِّطَ عليك الأمر. ثم قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إني قد خبأتُ لك خبيئًا. فقال ابن صياد: هو الدُّخُّ. فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اخسأ فلن تَعْدُوَ قَدْرَك](٢).
وقوله:"الدُّخ" يعني سورة الدخان، وكان قد أضمر -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن صياد آية الدخان:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فلم يهتد ابن صياد من الآية إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف قبل أن يدركه الشهاب.
(١) قال القرطبي: (مكية باتفاق، إلا قوله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا} [الدخان: ١٥]). (٢) حديث صحيح. رواه مسلم (٨/ ١٩٢ - ١٩٣). وانظر مختصر صحيح مسلم (٢٠٤٤) - كتاب الفتن، باب: في قصة ابن صياد، في أثناء حديث طويل.