فرفع رأسه مُتَبَسِّمًا، إما قال لهم وإما قالوا له: لِمَ ضَحِكْتَ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه أنزِلت عَليَّ آنِفًا سورةٌ". فقرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، حتى خَتَمها قال:"هَلْ تدرون ما الكوثَرُ؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلَمُ. قال:"هو نهر أعطانيه ربِّي -عزَّ وجلَّ- في الجنة، عليه خَيْرٌ كثير، تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُهُ عددُ الكواكب، يُخْتَلجُ العبدُ منهم فأقول: يا رب! إنه من أُمتي. فيُقال: إنك لا تَدْري ما أحدثوا بَعْدَك! "] (١).
الحديث الثالث: أخرج النسائي بسند صحيح عن زيد بن ثابت: [أنه قال لمروان: يا أبا عبد الملك، أتقرأ في المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؟ قال: نعم! قال: فمحلوفة (٢)، لقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ فيها بأطول الطوليين {المص}] (٣).
ورواه أبو داود بسند صحيح عن مروان بن الحكم قال:[قال لي زيد بن ثابت: مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في المغرب بطُولَى الطُّولَيَيْن؟ قال: قلت: ما طُولى الطولَيَيْنِ؟ قال: الأعراف والأخرى الأنعام].
[موضوع السورة]
تكريم اللَّه رسوله بالكوثر وتهديد المخالف له بالبتر
- منهاج السورة-
١ - امتنان اللَّه تعالى على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بنهر في الجنة هو الكوثر.
٢ - أمْرُه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- إخلاص الصلاة له والنحر.
٣ - القضاء من اللَّه تعالى أن مبغض هذا النبي هو الأبتر.
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٠٢)، وانظر الحديث قبله. (٢) أي: أنني أحلف باللَّه. و (أطول الطوليين): سورتا الأنعام والأعراف. (٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٨١٢) - في الصلاة - باب قدر القراءة في المغرب. وأخرجه النسائي: صحيح سنن النسائي (٩٤٥). باب القراءة في المغرب بـ {المص}.