الرِّوايةُ خلافُ ما تظاهرَتْ به الأخبارُ عن عِدَّةِ المشركين يومَ بدرٍ؛ وذلك أنَّ النّاسَ إنَّما اختلفوا في عددِهم على وجهَيْن؛ فقالَ بعضُهم: كانَ عددُهم ألفاً. وقالَ بعضُهم: ما بَيْن التسعِمائةِ إلى الألفِ» (١)، وقولِه بعدَ أن أورَدَ قولَ ابنِ عباسٍ ﵁:«﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾ [المدَّثر: ٢٩]، يقولُ: مُعرِّضةٌ»، ثُمَّ قالَ: «وأخشى أن يكونَ خبرُ عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ هذا، غلطاً، وأن يكونَ موضِعُ (مُعرِّضةً)(مُغيِّرةً)، لكنْ صُحِّفَ فيه» (٢)، وقولِه أيضاً:«فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّ الخبرَ الذي رُويَ عن محمدِ بن كعبٍ صحيحٌ، فإنَّ في استحالةِ الشَّكِّ مِنْ الرَّسولِ ﷺ في أنَّ أهلَ الشِّركِ مِنْ أهلِ الجَحيمِ، وأنَّ أبوَيْه كانا مِنهم = ما يدفعُ صِحَّةَ ما قالَه محمدُ بن كعبٍ، إن كانَ الخبرُ عنه صحيحاً»(٣).
٢ - نقدُ أسانيدِ مرويّاتِ السَّلفِ، كما في قولِه:«وذلك قولٌ يُروى عن ابنِ عباسٍ، تركنا ذِكرَه؛ لأنَّ في إسنادِه مَنْ لا نستجيزُ ذِكرَه»(٤)، وقولِه بعدَ أن أسندَ خبراً عن عمرَ بن الخطّابِ ﵁: «وهذا الحديثُ خطأٌ؛ أعني حديثَ هشامِ بن عروةَ (٥)، إنَّما هو: هشامُ بن عروةَ عن أبيه. ليس فيه عمرُ، كذلك حُدِّثتُ عن ابنِ عُليَّةَ وغيرِه» (٦)، وكذا قولُه
(١) جامع البيان ٥/ ٢٤٧. (٢) جامع البيان ٢٣/ ٤٣٥. ويُصحِّحُ ذلك أنَّ ابنَ أبي حاتم (ت: ٣٢٧) أخرجَه بلفظِ: «مغيِّرةً». كما في الإتقان ٢/ ٤١ ط/ محمد أبو الفضل. (٣) جامع البيان ٢/ ٤٨٢. وينظر: ١/ ٤٨٩، ٢/ ١٥٤، ٢٣/ ٤٥٣، ٢٤/ ٦١٨. (٤) جامع البيان ١٩/ ٦٠٦. (٥) هشام بن عروة بن الزبير بن العوّام الأسديّ القرشيّ، أبو المنذر، تابعيٌّ إمامٌ حافظٌ، مات سنة (١٤٥) وقيل غيرَ ذلك. ينظر: السير ٦/ ٣٤، وتهذيب التهذيب ٤/ ٢٧٥. (٦) جامع البيان ١٤/ ٥٤٩.