المبحثُ الأوَّلُ: منهجُ ابنِ جريرٍ في الجمعِ بين أدلَّةِ المعاني المُتعارضةِ.
التَّعارضُ لُغةً: تفاعلٌ مِنْ (عَرَضَ)، وهو بناءٌ تكثرُ فروعُه، ومِن معانيه: العَرْضُ الذي هو ضِدُّ الطُّولِ. والمُقابلةُ بين شَيئَيْن، كما في مُعارضةِ الكتابِ بالكتابِ. وكذا الظُّهورُ؛ مِنْ قولِهم: عرضَ الشَّيءَ للبيعِ إذا أظهرَه. ومِنها أيضاً: المَنعُ، كما في قولِه تعالى ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهُ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا﴾ [البقرة: ٢٢٤]، أي: مانعاً بالحلفِ به بينَكم وبين مرضاتِه (١). قالَ ابنُ فارسٍ (ت: ٣٩٥): «العينُ والرّاءُ والضّادُ بناءٌ تَكثُرُ فروعُه، وهي مع كَثرَتِها تَرجِعُ إلى أصلٍ واحدٍ، وهو: العَرْضُ الذي يُخالِفُ الطُّولَ، ومَن حقَّقَ النَّظرَ ودَقَّقَه عَلمَ صِحَّةَ ما قُلناه، وقد شَرَحنا ذلك شَرْحاً وافياً»(٢)، وقالَ ابنُ العربيّ (ت: ٥٤٣): «(عَرَضَ) في
(١) ينظر: تهذيب اللغة ١/ ٢٨٨، ولسان العرب ٩/ ٢٦، والقاموس المحيط (ص: ٥٧٩). (٢) مقاييسُ اللغة ٢/ ٢٤٠.