النَّوعُ الثَّاني: استدلالُه بالسَّنَّةِ لرَدِّ المعاني وإبطالِها، ومِن أمثلَتِه قولُه:«وهذا الخبرُ الذي ذَكَرْنا عن رسولِ الله ﷺ يُبَيِّنُ أنَّ القولَ الذي قالَه الحَسَنُ .. خطأٌ»(١)، وقولُه عن بعضِ الأقوالِ: «وذلك دفعٌ لظاهِرِ التَّنزيلِ، وما تتابعتْ به الأخبارُ عن رسولِ الله ﷺ) (٢)، وعلَّلَ ردَّ بعضَ الأقوالِ بقولِه: «وهذا خلافُ ما تظاهرَتْ به الأخبارُ عن رسولِ الله ﷺ) (٣).
وقد بلغَت المواضِعُ التي استدَلَّ فيها بالسَّنَّةِ على المعاني (٥٢٧) موضِعاً، ونسبةُ ذلك مِنْ مجموع الأدلَّةِ (٤. ٨%).
ولا يجري في ذكرِ دليلِ السُّنَّةِ -عند إيرادِه مع الأدلَّةِ- على ترتيبٍ مُعيَّنٍ، لكنَّه في محلِّ التَّقديمِ إجمالاً، وعلى الأخصِّ ما كانَ نصّاً ثابتاً، ولا يؤَخِّرُه عن غيرِه مِنْ الأدلَّةِ إلا لعلَّةٍ على ما سيتبيَّنُ بإذنِ الله.
المطلبُ الثّاني: حُجِّيَّةُ الاستدلالِ بالسُّنَّةِ النبويَّةِ على المعاني.
تكاثرَتْ الأدلَّةُ في تقريرِ صِحَّةِ الاستدلالِ بالسُّنَّةِ النَّبويَّةِ على المعاني القرآنيَّةِ، ولُزومِ الأخذِ بما دلَّتْ عليه فيها، وفيما يأتي بيانُها:
١ - الأدلَّةُ الدَّالَّةُ على أنَّ السُّنَّةَ وحيٌ مُنزَلٌ مِنْ عِنْدِ الله تعالى، كما في قولِه تعالى عن نبيِّه محمدٍ ﷺ ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
(١) جامع البيان ٨/ ٣٣٥. (٢) جامع البيان ١٤/ ٤٤٨. (٣) جامع البيان ١٦/ ٣٠٠. وينظر: ٤/ ٢٥٦، ٥/ ١٢٥، ٦/ ٥٤٨، ٧/ ٢٩٤، ١٠/ ٢٢١، ١١/ ١٠٦.