الحديث؟ فقال:" إذا عقل وضبط "، قلت: فإنه بلغني عن رجل (سميته) أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد البراء وابن عمر، استصغرهم يوم بدر؟ فأنكر قوله هذا، وقال:" بئس القول! يجوز سماعه إذا عقل، فكيف يصنع بسفيان بن عيينة ووكيع؟! " وذكر أيضاً قوماً (١).
قلت: ينكر أحمد في هذا مذهب صاحبه يحيى بن معين، فإنه قال:" حد الغلام في كتاب الحديث أربع عشرة سنة، أو خمس عشرة "(٢).
وقال أحمد في استدلال يحيى:" إنما ذلك في القتال "(٣).
أي هو استدلال غير صالح لهذه المسألة، فليست الرواية كالقتال، القتال يحتاج إلى قوة البدن , والرواية لا تحتاج إلا إلى قوة العقل، فإذا تبين من الصبي أنه يضبط، فقد تحقق المقصود.
ويصحح هذا من مذهب أحمد ما رواه عنه حنبل بن إسحاق، قال: قال أبو عبد الله: " كان يحيى بن آدم أصغر من سمع من سفيان عندنا، وقال يحيى: قبيصة (٤) أصغر مني بسنتين "، قلت له: فما قصة قبيصة في سفيان؟ فقال أبو عبد الله:" كان كثير الغلط "، قلت له: فغير هذا؟ قال:" كان صغيراً لا يضبط "، قلت له: فغير سفيان؟ قال:" كان قبيصة رجلاً صالحاً ثقة، لا بأس به في تدينه، وأي شيء لم يكن عنده في الحديث؟! " يذكر أنه كان كثير الحديث (٥).
(١) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ١١٣) بإسناد صحيح. ونحوه كذلك عنده (ص: ١١٤) من وجه آخر. (٢) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ١١٣) بإسناد صحيح. (٣) أخرجه الخطيب (ص: ١١٤) بإسناد صحيح. (٤) هو ابن عقبة من صغار من روى عن سفيان الثوري. (٥) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (١٢/ ٤٧٤) وإسناده صحيح.