لقد فاتك الجدى يا ابن الحباب ... وجدى سمين كثير اللّباب
ولم يبق منه سوى عظمه ... فذاك-لعمرى-طعام الكلاب (١)
/
فلما بلغ الملك إلى قوله:«لعمرى» قبل أن يكمل البيت الثانى بادره ابن الحباب بقوله: «طعام الكلاب (٢)» ففى كلامه تورية. لكن لا ينبغى أن يكون مع الملك مثل هذا، وإن كان عجيبا فى بابه؛ لأن أهل السياسة يقولون: إذا لاعبت الملك فأجمل الأدب، ووفّه حقّ اللعب؛ إذ فى هذا إساءة أدب معه توفى سنة ٧٤٠ (٣).
(١) فى نيل الابتهاج: ويذكر عنه أنه دخل على سلطان وقته بتونس أظنه أبا عصيدة فوجده قد أكل، فأنشد: لقد فاتك الجدى. . البيتين. فلما وصل فى إنشاده إلى قوله: طعام بادره الفقيه ابن الحباب، فقال: به طعامكم طعامكم. . . الخ. وفى شجرة النور: قال الزركشى: حكى أنه دخل يوما على بعض أصحابه الأدباء، فألقاهم قد فرغوا من أكل جدى مشوى، فقال أحدهم: لقد فاتك الجدى يا ابن الحباب فقال ثانيهم: بخبز سمين كثير اللباب فقال ثالثهم: ولم يبق منه سوى عظمه ففطن هو لمرادهم، فأجاب سريعا: طعامكم طعامكم فقال رابعهم: دعنا من هذا إنما هو لعمرى طعام الكلاب (٢) س: طعامكم. (٣) راجع فى ترجمته شجرة النور ٢/ ٢٠٩ - ٢١٠ وفيها أن وفاته سنة ٧٤٩ ونيل الابتهاج ٢٣٩ وفيه أن وفاته سنة إحدى وأربعين. وانظر أيضا فهرست الرصاع ص ١٦٤، ١٦٥ وما ذكر بهامشه.