الدِّلَالَةُ عَلَى كَمَالِ مُلْكِهِ وَغِنَاهُ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ نَقْصٌ فِي جَانِبِ تَعْظِيمِ الرُّبُوبيَّةِ.
٣ - أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الدَّاعِيَ مُسْتَغْنٍ عَنِ اللهِ تَعَالَى؛ كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ شِئْتَ فَافْعَلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَفْعَلْ لَا يَهُمُّنِي! وَهَذَا نَقْصٌ فِي جَانِبِ العُبُودِيَّةِ، فَهُوَ مُظْهِرٌ لِضَعْفِ عِبَادَةِ الرَّجَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى (١).
وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: ((بَينَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ؛ ألَمْ أَكُنْ أَغْنَيتُكَ عَمَّا تَرَى؟! قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ)) (٢).
(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (١١/ ١٤٠): "وَالمُرَادُ: أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى التَّعْلِيقِ بِالمَشِيئَةِ مَا إِذَا كَانَ المَطْلُوبُ مِنْهُ يَتَأَتَّى إِكْرَاهُهُ عَلَى الشَّيءِ فَيُخَفِّفُ الأَمْرَ عَلَيهِ، وَيَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيءَ إِلَّا بِرِضَاهُ، وَأَمَّا اللهُ سُبْحَانَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَيسَ لِلتَّعْلِيقِ فَائِدَةٌ، وَقِيلَ: المَعْنَى أَنَّ فِيهِ صُورَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ المَطْلُوبِ وَالمَطْلُوبِ مِنْهُ".(٢) صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٣٣٩١).وَقَولُهُ ((رِجْلُ جَرَادٍ)) أَي: طَائِفَةُ جَرَادٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute