المَخْلُوقِينَ خَشْيَةَ الفِتْنَةِ بِهَا، حَيثُ قَالَ ﵀ فِي كِتَابِهِ (الأُمُّ): "وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى القَبْرِ مَسْجِدٌ؛ وَأَنْ يُسَوَّى، أَو يُصَلَّى عَلَيهِ وَهُوَ غَيرُ مُسَوَّى -يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ- أَو يُصَلَّى إِلَيهِ.
قَالَ: وَإِنْ صَلَّى إِلَيهِ أَجْزَأَهُ؛ وَقَدْ أَسَاءَ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ))، قَالَ: وَأَكْرَهُ هَذَا لِلسُّنَّةِ وَالآثَارِ. وَأنَّهُ كَرِهَ -وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أَنْ يُعَظَّمَ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ -يَعْنِي: يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا-؛ وَلَمْ تُؤْمَنْ فِي ذَلِكَ الفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ" (١).
٥ - وَأَمَّا تَمَثُّلُ ابْنِ عُمَرَ لِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ؛ فَلَيسَ فِيهِ دَلِيلٌ البَتَّةَ عَلَى التَّوَسُّلِ البِدْعِيِّ -أَي: بِالجَاهِ وَالذَّاتِ- وَذَلِكَ لِأُمُورٍ:
أ- أَنَّ هَذَا شِعْرٌ لِأَبي طَالِبٍ؛ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ أَبَدًا، لِكَونِهِ لَيسِ بِمُسْلِمٍ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي مَجْرَى الشِّعْرِ الَّذِي تَتَنَاقَلُهُ العَرَبُ بِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنٍ أَو قُبْحٍ.
ب- أًنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵁؛ إِنَّمَا تَمَثَّلَهُ حَالَ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الاسْتِسْقَاءِ، كَمَا فِي البُخَارِيِّ عَنْهُ: (رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَولَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ يَسْتَسْقِي؛ فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ: وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ … ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ) (٢)
(١) البُخَارِيُّ (٤٣٧) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٢) البُخَارِيُّ (١٠٠٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute