فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: الإِبِلُ أَوِ البَقَرُ -شَكَّ إِسْحَاقُ (١) - فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا.
قَالَ: فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذَرَنِي النَّاسُ بِهِ. فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ، وَأُعْطِيَ شَعْرًا حَسَنًا، فَقَالَ: أَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: البَقَرُ أَوِ الإِبِلُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا.
فَأَتَى الأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ، فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللهُ إِلَيهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: الغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا.
فَأُنْتَجَ هَذَانِ، وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ؛ قَدْ انْقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ (٢) فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغِ لِيَ اليَومَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ وَالجَلْدَ الحَسَنَ وَالمَالَ؛ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي سَفَرِي، فَقَالَ: الحُقُوقُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ! أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ؟ فَقِيرًا؛ فَأَعْطَاكَ اللهُ ﷿ المَالَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ.
(١) هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ تَابِعِيٌّ مِنَ الوُسْطَى؛ ثِقَةٌ حُجَّةٌ (ت ١٣٢ هـ).(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (٦/ ٥٠٢): "وَلِبَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ: الحِيَالُ -بِالمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ-، جَمْعُ حِيلَةٍ: أَي: لَمْ يَبْقَ لِي حِيلَةٌ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute