النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ) (١).
٢ - ((لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوبَةِ عَبْدِهِ -حِينَ يَتُوبُ إِلَيهِ- مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَينَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا -قَائِمَةً عِنْدَهُ- فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ -مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ-: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ)) (٢) (٣).
- قَولُهُ: (وَالحِجَارَةُ تَنْكُبُ رِجلَيهِ): أَي: يَمْشِي وَالحِجَارَةُ تَضْرُبُ رِجلَيهِ، وَكَأَنَّهُ يَمْشِي بِسُرْعَةٍ؛ وَلَكِنَّهُ لَا يُحِسُّ فِي تِلْكَ الحَالِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَعْتَذِرَ.
- الغَضَبُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ، كَمَا قَالَ ﵊: ((لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ فِي غِلَاقٍ)) (٤)، لَكِنَّ الغَضَبَ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ هُوَ الَّذِي يَغِيبُ فِيهِ وَعْيُهُ فَلَا
(١) البُخَارِيُّ (٧/ ٤٥)، وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ مُعَلَّقٌ، وَعُنْوَانُ البَابِ: "بَابُ الطَّلَاقِ فِي الإِغْلَاقِ وَالكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيرِهِ".(٢) صَحِيحُ (٢٧٤٧) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا.(٣) قَالَ الحَافِظُ زَينُ الدِّينِ العِرَاقِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ طَرْحُ التَّثْرِيبِ (٢/ ٢٠): "فَائِدَةٌ: مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى كَلِمَةِ الكُفْرِ: (الثَّالِثَةُ وَالأَرْبَعُونَ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى بَعْضِ المَالِكِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَدِينُونَ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى كَلِمَةِ الكُفْرِ -إذَا ادَّعَى ذَلِكَ- وَخَالَفَهُمُ الجُمْهُورُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ؛ ثُمَّ وَجَدَهَا فَقَالَ -مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ-: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا رَبُّك. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ)). وَالَّذِي جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الحُكَّامِ الحُذَّاقِ مِنْهُمْ اعْتِبَارُ حَالِ الوَاقِعِ مِنْهُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي المُخَالَفَاتِ وَقِلَّةُ المُبَالَاةِ بِأَمْرِ الدِّينِ؛ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى دَعْوَاهُ، وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلْتَةً وَعُرِفَ بِالصِّيَانَةِ وَالتَّحَفُّظِ قَبِلُوا قَولَهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ تَوَسُّطٌ حَسَنٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".(٤) حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (٢١٩٣) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٥٢٥).قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الغِلَاقُ أَظُنُّهُ فِي الغَضَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute