أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النِّسَاء: ١٧١]!
وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الكَفَّارَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بِإِطْلَاقِ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البَقَرَة: ٦٢] الآيَةَ!
وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ اليَهُودِ عَلَى تَفْضِيلِهِمْ عَلَينَا بِقَولِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البَقَرَة: ٤٧]!
وَبَعْضُ الحُلُولِيَّةِ اسْتَدَلَّ بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحِجْر: ٢٩]!
وَالتَّنَاسُخِيُّ اسْتَدَلَّ بِقَولِهِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانْفِطَار: ٨]!
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ المُتَشَابِهَاتِ أَو حَرَّفَ المَنَاطَاتِ أَو حَمَّلَ الآيَاتِ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ عِنْدَ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَو تَمَسَّكَ بِالأَحَادِيثِ الوَاهِيَةِ أَو أَخَذَ الأَدِلَّةَ بِبَادِيَ الرَّأْيِ؛ (لَهُ) أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ أَو قَولٍ أَوِ اعْتِقَادٍ وَافَقَ غَرَضَهُ بِآيَةٍ أَو حَدِيثٍ لَا يَفُوزُ بِذَلِكَ أَصْلًا" (١).
- والمُتَشَابِهُ هُنَا (في آيَةِ آلِ عِمْرَانَ) نَوعَانِ: تَشَابُهٌ نِسْبِيٌّ، وَتَشَابُهٌ مُطْلَقٌ:
١ - فَالمُتَشَابِهُ المُطْلَقُ: يَخْفَى عَلى كُلِّ أَحَدٍ، حَتَّى عَلَى الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، وَلَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ تَعَالَى.
وَهَذِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قِرَاءَةِ الوَقْفِ عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ (٢)،
(١) الاعْتِصَامُ (١/ ٣٦٣).(٢) وَعَلَيهَا الجُمْهُورُ، كَمَا ذَكَرَهُ الشّنْقِيطِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ أَضْوَاءُ البَيَانِ (١/ ١٩٢).قَالَ الطَّبَرِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٦/ ٢٠٤): "وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُم مَرْفُوعُونَ بِجُمْلَةِ خَبَرِهِم بَعْدَهُم وَهُوَ (يَقُولُونَ)؛ لِمَا قَدْ بَيَّنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُم لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ المُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ ﷿ فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَهُوَ فِيمَا بَلَغَنِي مَعَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيٍّ: (وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ) كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهُ، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ: (إِنْ تَأْوِيلُهُ إِلَّا عِنْدَ اللهِ. وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ) ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute