٢ - المَحَبَّةُ وَالمَيلُ مُطْلَقًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ المَيلُ إِلَى الحَقِّ وَغَيرِهِ، فيُذَمُّ وَيُمْدَحُ بِحَسْبِ المَحْبُوبِ.
وَفِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂؛ قَالَتْ: (أَمَا تَسْتَحِي المَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ؟! فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأَحْزَاب: ٥١] (١)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ) (٢).
وَعَلَى هَذَا النَّوعِ يُحْمَلُ حَدِيثُ البَابِ، أَي: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم الإِيمَانَ الوَاجِبَ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّتُهُ تَابِعَةً لِمَحَبَّةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ (٣).
- قَولُهُ: ((وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ)) اليَهُودُ هُمُ المُنْتَسِبُونَ إِلَى دِينِ مُوسَى ﵇، وَسُمُّوا بِذَلِكَ إِمَّا مِنْ قَولِهِ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيكَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٥٦] أَي:
(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيرِ (٦/ ٤٤٥): " ﴿تُرْجِي﴾ أَي: تُؤَخِّرُ ﴿مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ أَي: مِنَ الوَاهِبَاتِ أَنْفُسَهُنَّ، ﴿وَتُؤْوِي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ أَي: مَنْ شِئْتَ قَبِلْتَهَا، ومَنْ شِئْتَ رَدَدْتَهَا، وَمَنْ رَدَدْتَهَا؛ فَأَنْتَ فِيهَا أَيضًا بِالخَيَارَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ إنْ شِئْتَ عُدْتَ فِيهَا فَآوَيتَهَا، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكَ﴾).(٢) البُخَارِيُّ (٥١١٣)، وَمُسْلِمٌ (١٤٦٤).(٣) وَعَلَى هَذَا الوجْهِ -أَنَّ الهَوَى بِمَعْنَى المَحَبَّةِ- لَا يَبْقَى وَجْهٌ لِإِنْكَارِ مَتْنِ الحَدِيثِ -مِمَّنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ- بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلهَوَى أَنْ يُوَافِقَ الشَّرْعَ؛ وَأَنَّ الهَوَى مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ دَومًا؛ وَأَنَّ الإِيمَانَ يَكُونُ بِمُخَالَفَةِ الهَوَى بِاتِّبَاعِ الشَّرْعِ.وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ الإِنْكَارِ بِالحَدِيثِ: ((حُفَّتِ الجَنَّةَ بِالمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٨٢٢) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، وَأَيضًا بِحَدِيثِ: ((وَالمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ)). صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٣٩٦٧) عَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيدٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٥٤٩).قُلْتُ: بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي مَا يَهْوَاهُ وَيُحِبُّهُ المَرْءُ بِطَبْعِهِ مَا يُؤْجَرُ عَلَيهِ مَعَ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ: ((وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٠٠٦) عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute