وَأَمَّا الآخَرُ؛ فَلِمَا فِيهِ مِنَ الاحْتِيَاجِ إِلَى الغَيرِ فِيمَا الفَائِدَةُ فِيهِ مَظْنُونَةٌ غَيرُ رَاجِحَةٍ" (١).
- فَائِدَة ١٢: وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ زِيَادَةُ لَفْظِ: ((وَلَا يَرْقُونَ)) (٢)، وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ سَنَدًا وَمَتْنًا.
قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي الضَّعِيفَةِ: "وَلَا يَخْدُجُ فِيمَا ذَكَرْتُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمْسْلِمٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عبَّاسٍ المُشَارِ إِلَيهِ آنِفًا مِنَ الجَمْعِ بَينَ: ((لَا يَرْقُونَ)) وَ ((لَا يَسْتَرْقُونَ))! فَإِنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، أَخْطَأَ فِيهَا أَحَدُ رُوَاتِهِ عِنْدَهُ؛ فَغيَّرَ الحَدِيثَ فَزَادَ وَأَنْقَصَ، زَادَ ((لَا يَرْقُونَ)) وَأَسْقَطَ ((لَا يَكْتَوُونَ))!! خِلَافًا لِرِوَايَةِ الجَمَاعَةِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِينَ رَوُوهُ بِلَفْظِ: ((لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ)).
وَإِنَّ مِمَّا يُؤَكِّدُ الشُّذُوذَ المَذْكُورَ مُخَالَفَتُهُ لِسَائِرِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي البَابِ مِثْلَ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي عَوَانَةَ وَغَيرِهِمَا؛ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ البُخَارِيِّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ وَغَيرِهِ؛ فَلَيسَ فِيهِمَا الجَمْعُ بَينَ اللَّفْظَينِ المَذْكُورَينِ، بَلْ إِنَّهُمَا وُفْقَ حَدِيثِ ابْنِ عبَّاسٍ عِنْدَ الجَمَاعَةِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ يُؤَكِّدُ شُذُوذَ لَفْظِ ((لَا يَرْقُونَ)) مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلسُّنَّةِ العَمَلِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ" (٣).
وَقَالَ أَيضًا ﵀ فِي صَحِيح الجَامِعِ: "قَولُهُ ((لَا يَرْقُونَ)) هُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ دُونَ البُخَارِيِّ وَغَيرِهِ، ثُمَّ هُوَ شَاذٌّ سَنَدًا وَمَتْنًا -كَمَا بيَّنْتُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ- وَحَسْبُكَ دَلِيلًا عَلَى شُذُوذِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَقَى غَيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ! " (٤).
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ ﵀: "وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ ((كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ))، وَكَانَ يَرْقِي مَنْ بِهِ قُرْحَةٌ
(١) السِّلْسِلَةُ الصَّحِيحَة (٢٤٤)، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ فِي بَابِ الكَلَامِ عَنِ التَّوَكُّلِ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى-.(٢) مُسْلِمٌ (٢٢٠).(٣) الضَّعِيفَةُ (٣٦٩٠).(٤) صَحِيح الجَامِعِ (٣٩٩٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute