١ - مَا كَانَ عَينًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ؛ فَهُوَ مَخْلُوقٌ، وَالإِضَافَةُ فِيهَا لَهَا حَالَتَانِ:
أ- عَامَّةٌ: مِنْ بَابِ إِضَافَةِ المَخْلُوقِ إِلَى خَالِقِهِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجَاثِيَة: ١٣]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ [العَنْكَبُوت: ٥٦].
ب- خَاصَّةٌ: لِلتَّشْرِيفِ -رُغْمَ كَونِهِ مَشْمُولًا بِعُمُومِ الإِضَافَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا-؛ كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيئًا وَطَهِّرْ بَيتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحَجّ: ٢٦]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى عَنْ عِيسَى ﵇: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النِّسَاء: ١٧١]، فَهَذِهِ الإِضَافَةُ أَيضًا لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّزْكِيَةِ، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ [الشَّمْس: ١٣].
٢ - مَا كَانَ وَصْفًا لِعَينٍ مَخْلُوقَةٍ يَقُومُ بِهَا ذَلِكَ المَعْنَى، وَهَذَا القِسْمُ مَخْلُوقٌ أَيضًا (١).
٣ - مَا كَانَ وَصْفًا لَا يَقُومُ بِغَيرِهِ تَعَالَى -كَالمَحَبَّةِ وَالكَلَامِ وَالرِّضَى وَالغَضَبِ-، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيتُكَ وَكُنْ
=سُبْحَانَهُ وَلَيسَتْ مَخْلُوقَةً.وَقَدْ أَشَارَ البُخَارِيُّ ﵀ إِلَى ذَلِكَ في صَحِيحِهِ (٩/ ١٣٤) فَقَالَ: "بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيرِهَا مِنَ الخَلَائِقِ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ ﵎ وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلَامِهِ -وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ-: غَيرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ".(١) قُلْتُ: كَقَولِهِ تَعَالَى لِمُوسَى ﵇: ﴿وَأَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ [طَه: ٣٩]، فَهَذِهِ المَحَبَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ النَّاسِ لِمُوسَى ﷺ أَضَافَهَا اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ، فَهِي لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّزْكِيَةِ، وَهِيَ مَعْنىً قَائِمٌ فِي قُلُوبِ النَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute