يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَيسَ كَمَا تَظُنُّونَ! إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لُقْمَان: ١٣])) (١).
وَالظُّلْمُ هُنَا فِي الحَدِيثِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْي؛ فَتَعُمُّ كُلَّ ظُلْمٍ، وَلَكِنَّ الحَدِيثَ قَيَّدَهَا بِالشِّرْكِ؛ فَيَكُونُ العُمُومُ مَقْصُودًا بِهِ هُنَا عُمُومُ الشِّرْكُ.
وَفِي الحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: ((الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ: فَظُلْمٌ لَا يَتْرُكُهُ اللهُ، وَظُلْمٌ يُغْفَرُ، وَظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ. فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ؛ فَالشِّرْكُ، لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ؛ فَظُلْمُ العَبْدِ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ رَبِّهِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يُتْرَكُ؛ فَقَصُّ اللهِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ)) (٢).
- وَجْهُ كَونِ الشِّرْكِ ظُلْمٌ: أَنَّ "الظُّلْمَ وَضْعُ الشَّيءِ فِي غَيرِ مَوضِعِهِ، وَأَعْظَمُ ذَلِكَ: أَنْ يُوضَعَ المَخْلُوقُ فِي مَقَامِ الخَالِقِ؛ وَيُجْعَلَ شَرِيكًا لَهُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَفِي الإِلَهِيَّةِ! سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (٣).
- قَولُهُ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ أَي: أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ فِي الآخِرَةِ، وَهُمْ مُهْتَدُونَ فِي الدُّنْيَا (٤).
- قَولُ ((أَشْهَدُ)) أَي: أُقِرُّ نَاطِقًا بِلِسَانِي (٥).
(١) البُخَارِيُّ (٦٩٣٧)، وَمُسْلِمٌ (١٢٤).(٢) حَسَنٌ. البَزَّارُ (١٣/ ١١٥)، وَالطَّيَالِسِيُّ (٢٢٢٣). الصَّحِيحَةُ (١٩٢٧).(٣) (فَتْحُ البَارِي) للحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ (١/ ١٤٤).(٤) وَأَيضًا هُمْ مُهْتَدُونَ إِلَى الجَنَّةِ فِي الآخِرَةِ.(٥) قَالَ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص ٩٠):"وَعِبَارَاتُ السَّلَفِ فِي (شَهِدَ) تَدُورُ عَلَى الحُكْمِ وَالقَضَاءِ وَالإِعْلَامِ وَالبَيَانِ وَالإِخْبَارِ، وَهَذِهِ الأَقْوَالُ=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute