نَدْخُلُ كَنَائِسَكُم مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي البِيعَةِ إِلَّا بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلٌ" (١).
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ ﵀ فِي شَرْحِ البُخَارِيِّ: "اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ فِي البِيَعِ وَالكَنَائِسِ؛ فَكَرِهَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ الصَّلَاةَ فِيهَا مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: انْضَحُوهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَصَلُّوا، وَهُوَ قَولُ مَالِكٍ.
ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكٍ؛ قَالَ: أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الكَنَائِسِ لِمَا يُصِيبُ فِيهَا أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِ الخَنَازِيرِ وَالخُمُورِ وَقِلَّةِ احْتِيَاطِهِم مِنَ النَّجَسِ؛ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ طِينٍ أَو مَطَرٍ، إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا نَجَسٌ" (٢).
قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (الثَّمَرُ المُسْتَطَابُ): "ثُمَّ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ التَّرْخِيصَ فِي الصَّلَاةِ فِي الكَنِيسَةِ وَالبِيعَةِ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ خَالِيَةً عَنِ الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ كَمَا يُفِيدُهُ أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ بَعِيدٌ عَنِ الصَّوَابِ، لِأَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيتًا فِيهِ صُورَةٌ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَدْخُلِ الكَعْبَةَ حَتَّى مَحَا مَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، ثُمَّ هِيَ بِمَنْزِلَةِ المَسْجِدِ المَبْنِيِّ عَلَى القَبْرِ، كَمَا قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى (٣): ((أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ
(١) وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَلَهُ البَغَوِيُّ ﵀ فِي الجَعْدِيَّاتِ بِزِيَادَةِ: "إِنْ كَانَ فِيهَا تَمَاثِيلُ؛ خَرَجَ فَصَلَّى فِي المَطَرِ". وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (١٦١١). اُنْظُرْ فَتْح البَارِي (١/ ٥٣٢).(٢) شَرْحُ البُخَارِيِّ لِابْنِ بَطَّالٍ (٢/ ٨٩).(٣) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (١٧/ ٤٦٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute