إلا للعمل به، وكانوا يحملون على ظهورهم للناس، ويتصدقون بالثمن لعدم المال عندهم ذلك الوقت. وحديث:"اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" سلف في الباب قبله (١).
وأخرجه ابن خزيمة من حديث أنس بلفظ:"افتدوا مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تمرَةٍ"(٢) ومن حديث ابن عباس بلفظ: "اتقوا"(٣) وأخرجه ابن أبي الدنيا في "فضل الصدقة" من حديث أبي هريرة أيضًا.
وفيه: حض على الصدقة بالقليل، كما سلف. وإعطاء عائشة التمرة؛ لئلا ترد السائل خائبًا وهي تجد شيئًا. وروي أنها أعطت سائلًا حبة عنب، فجعل يتعجب، فقالت: كم ترى فيها من مثقال ذرة (٤). ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي تميمة الهجيمي:"لا تحقرن شيئًا من المعروف، ولو أن تضع من دلوك في إناء المستقي"(٥)، وقسم المرأة التمرة بين ابنتيها لما جعل الله في قلوب الأمهات من الرحمة.
وفيه: أن النفقة على البنات والسعي عليهن من أفضل أعمال البر المجنبة من النار. وكانت عائشة من أجود الناس، أعطت بني أخويها
(١) سلف برقم (١٤١٣). (٢) "صحيح ابن خزيمة" ٤/ ٩٤ (٢٤٣٠) كتاب: الزكاة، باب: الأمر باتقاء النار -نعوذ بالله منها- بالصدقة وإن قلت. (٣) "صحيح ابن خزيمة" ٤/ ٩٤ (٢٤٢٩). (٤) رواه مالك في "الموطأ" ص ٦١٦ كتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة- بلاغًا، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٣/ ٢٥٤ (٣٤٦٦)، وقال الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (٥١٥): ضعيف موقوف. (٥) هذا الحديث مرسل؛ لأن أبا تميمة تابعي، والصواب حديث أبي تميمة الهجيمي عن جابر بن سليم قال: أتيت رسول الله .. الحديث، كما في "المسند" ٥/ ٦٣ - ٦٤، للاستزادة انظر: "الصحيحة" ٢/ ٣٩٩ (٧٧٠) و ٣/ ٣٣٧ (١٣٥٢).