الصواب لم يكن لتخصيص سليمان فائدة؛ لأن الأول أيضًا قد فهم صوابًا على قول من يقول كل مجتهد مصيب، وقوله (١){وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} ثناء عليهما بالحكم والعلم في غير هذه القضية وداود كان (٢) قد أوتي حكمًا وعلمًا وإن لم يصب في هذه المسألة، والذي يدل على هذا أنه قال:{حُكْمًا وَعِلْمًا} فذكر (٣) بلفظ التنكير، ولو أراد الثناء عليهما في هذه المسألة بالحكم والعلم لقال: وكلا آتينا حكمها وعلمها.
وقوله تعالى:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} قال وهب: كان داود يمر بالجبال مسبحًا وهي تجاوبه بالتسبيح، وكذلك الطير (٤).
وهذا كقوله:{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ}[سبأ: ١٠] وقال سليمان بن حيان: كان داود إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت والطير (٥) حتى يشتاق (٦).
وهذا أشبه بالآية؛ لأن الله تعالى قال:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ} وتسخيرها أن تطيعه إذا أمرها بالتسبيح (٧).
(١) في (أ): (بقوله). (٢) (كان) ليست في (د)، (ع). (٣) (فذكر) ساقطة من (د)، (ع). (٤) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣٣ ب عن وهب بنصه. وقد روى أبو الشيخ في العظمة ٥/ ١٧٠٣ عن وهب قال: أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود إذا سبح. (٥) (والطير) في (د)، (ع) وليست في (أ). (٦) رواه أبو الشيخ في "العظمة" ٥/ ١٧٠٦ من طريق الفريابي، عنه. لكن المطبوع من العظمة: سليم بن حيان، وهو تصحيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٥٠ عن سليمان بن حيان، ونسبه للفريابي. (٧) الأشبه -والله أعلم- بالآية الأول، وهي أنها كانت تجاوبه الجبال الصم والطير البهم إذا سبح وأثنى على الله، وذلك لأمرين: =