واختار أبو عبيد الياء لقول ابن مسعود:«ذكّروا الملائكة» وتعقّب عليه ابن قتيبة فاختار التاء. لأنها قراءة أهل الحرمين والبصرة وعاصم، قال: والتأنيث إنما هو تأنيث الجماعة وليس يلحق الملائكة في التاء تأنيث ''، قال: وقد كان يلزم أبا عبيد أن يقرأه «توفّاه رسلنا» لأنهم ملائكة، ولم يفعل (١).
«١٢» قوله: ﴿لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ قرأ الكوفيون بفتح الياء وكسر الدال، أضافوا الفعل إلى الله جلّ ذكره، لتقدّم ذكره في قوله: ﴿فَإِنَّ اللهَ﴾.
و «من» في موضع نصب ب «يهدي»، ويجوز أن يكون «يهدي» بمعنى «يهتدي» فتكون «من» في موضع رفع بفعلها، ولا ضمير في «يهدي»، وكون «يهدي» بمعنى: «يهتدي» في قراءة الكوفيين أحسن، لأن الله قد أضلّ قوما، ثمّ هداهم للإيمان بعد ضلالهم وقرأ الباقون بضمّ الياء وفتح الدال، بنوه للمفعول، ف «من» في موضع رفع على المفعول الذي لم يسمّ فاعله، وهو [في](٢) المعنى بمنزلة قوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ﴾ «الأعراف ١٨٦» ويشهد لهذه القراءة أن في قراءة أبيّ: «فلا هادي لمن أضلّ الله» والتقدير: إذا أضلّ الله عبدا لا يهديه أحد (٣).
«١٣» قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ﴾ قرأ حمزة والكسائي بالتاء، جعلاه خطابا لجميع الخلق، وقرأ الباقون بالياء، ردّوه على لفظ الغيبة التي قبله، وذلك قوله: ﴿أَنْ يَخْسِفَ﴾، ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ﴾، ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ﴾ «٤٥، ٤٦، ٤٧» ثم قال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ فجرى الكلام على سنن واحد في الغيبة، وهو الاختيار (٤).
«١٤» قوله: ﴿يَتَفَيَّؤُا﴾ قرأه أبو عمرو بتاءين، على تأنيث لفظ الجمع، وهو «الظلال» وقرأ الباقون بياء وتاء، على تذكير (٥) معنى الجمع، أو على الحمل
(١) راجع سورة آل عمران، الفقرة «٢٣ - ٢٥». (٢) تكملة لازمة من: ص، ر. (٣) زاد المسير ٤/ ٤٤٦، وتفسير النسفي ٢/ ٢٨٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥٧ /ب. (٤) التيسير ١٣٨، والحجة في القراءات السبع ١٨٦، وزاد المسير ٤/ ٤٥٢، وتفسير النسفي ٢/ ٢٨٧. (٥) لفظ «تذكير» سقط من: ص.