وَحُرُوفِهِ، إِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِهَا، وَهُوَ مَا اتَّفَقَ فِيهِ [الْمَعْنَى] (١) أَوْ تَقَارَبَ، دُونَ مَا تَبَايَنَ مِنْهَا وَاخْتَلَفَ.
وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ السُّهُولَةُ فِي القِرَاءَاتِ إِذْ ذَاكَ لِعَجْزِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ عَنْ أَخْذِ القُرْآنِ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَكَانُوا قَوْمًا أُمِّيِينَ، وَلَوْ كُلِّفُوا غَيْرَ ذَلِكَ، وَأُخِذُوا بِأَنْ يَقْرَؤُوهُ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلأَدَّى ذَلِكَ إِلَى النُّفْرَةِ، فَلَمَّا زَالَتِ الأُمِّيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِيهِمْ، وَصَارُوا يَقْرَؤُونَ وَيَكْتُبُونَ وَقَدَرُوا عَلَى حِفْظِ القُرْآنِ، لَمْ يَسَعُهُمْ أَنْ يَقْرَؤُوهُ عَلَى خِلَافِ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَكَذَّبُوهُ فِي المُصْحَفِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الحَرْفِ وَمَعْنَاهُ؛ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ مَعْنَى الحَرْفِ: الجِهَةُ، كَقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ (٢)، أَيْ: عَلَى جهَةٍ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي مَالٍ، وَالطَّمَعِ فِي نَفْعٍ، بَيَّنَ هَذَا مَا بَعْدَهُ: ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾ (٣).
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الحَرْفِ هَا هُنَا: اللُّغَاتُ، يُرِيدُ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ العَرَبِ، وَهِيَ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ وَأَعْلَاهَا فِي كَلَامِهِمْ، قَالُوا: وَهَذِهِ اللُّغَاتُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي القُرْآنِ غَيْرُ مُجْتَمِعَةٍ فِي الكَلِمَةِ الوَاحِدَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الحَرْفِ هَا هُنَا: الإِعْرَابُ، وَأَصْلُ الحَرْفِ الطَّرَفُ، يُقَالُ: هَذَا حَرْفُ الشَّيْء، أَيْ: طَرَفُهُ وَحَاشِيَتُهُ، وَالإِعْرَابُ إِنَّمَا يَلْزَمُ آخِرَ الأَسْمَاءِ،
(١) ساقطةٌ من المخطوط، والاستدراك من أعلام الحديث للخطابي (٢/ ١٢٠٨).(٢) سورة الحج، الآية: (١١).(٣) سورة الحج، الآية: (١١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute