وَيَتَبَعَّضُ وَيَتَجَزَّأُ.
وَالجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ: كَلَامُ اللهِ مُخْلُوقٌ فِي غَيْرِهِ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي المُتَكَلِّمِ بِهِ؟ هَلْ هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَمْ غَيْرُهُ؟.
وَقَالَ أَهْلُ الكَلَامِ مِنَ الكُلَّابِيَّةِ وَالأَشْعَرِيَّةِ: كَلَامُ اللهِ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِهِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَلَا إِرَادَتِهِ، وَأَنَّه لَا يَتَكَلَّمُ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ، وَأَنَّ هَذِهِ الحُرُوفَ وَالأَصْوَاتَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِهِ - كَمَا يَقُولُهُ الأَشَاعِرَةُ - وَهِيَ حِكَايَةٌ عَنْهُ - كَمَا يَقُولُهُ الكُلَّابِيَّةُ - وَأَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَجَزَّأُ، وَلَا يَتَفَاضَلُ، وَابْتَدَعُوا بِدْعَةَ الكَلَامِ النَّفْسِيِّ!! (١).
وَلَيْسَ الْغَرَضِ هُنَا الرَّدُّ عَلَى أَصْحَابِ هَذِهِ المَقَالَاتِ، وَلَا الاسْتِرْسَالُ فِي ذِكْرِ شُبَهِهَا، وَإِنَّمَا المَقْصُودُ بَيَانُ تَقْرِيرِ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ ﵀ لِهَذِهِ الصِّفَةِ - وَلَوْ إِجْمَالًا - حَسَبَ طَبِيعَةِ شَرْحِهِ لِأَحَادِيثِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ الَّتِي تَوخَّى فِيهَا الاخْتِصَارَ، مَعَ بَيَانِ مُوَافَقَتِهِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا.
فَقَدْ أَفْصَحَ ﵀ عَنْ هَذَا عِنْدَ شَرْحِهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ مَرْفُوعًا: (إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ … ) الحَدِيثَ (٢).
قَالَ ﵀: "وَفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ كَلَامَ اللهِ قَوْلٌ يُسْمَعُ" (٣).
(١) ينظر: مختصر الصواعق لابن القيم (٤/ ١٣٠٢ فما بعدها) شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ١٧٢ - ١٧٤).(٢) حديث (رقم: ٤٧٠١).(٣) (٤/ ٥٨٦) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute