الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ، وَالكُفْرِ وَالنِّفَاقِ - مَسَائِلُ عَظِيمَةٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَلَّقَ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ، وَاسْتِحْقَاقَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالاخْتِلَافُ فِي مُسَمَّيَاتِهَا أَوَّلُ اخْتِلَافِ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ خِلَافُ الخَوَارِجِ لِلصَّحَابَةِ، حَيْثُ أَخْرَجُوا عُصَاةَ المُوَحَدِينَ مِنَ الإِسْلَامِ بِالكُلْيَةِ، وَأَدْخَلُوهُمْ فِي دَائِرَةِ الكُفْرِ، وَعَامَلُوهُمْ مُعَامَلَةَ الكُفَّارِ، وَاسْتَحَلُّوا بِذَلِكَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَهُمْ خِلَافُ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَوْلُهُمْ بِالمَنْزِلَةِ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ، ثُمَّ حَدَثَ خِلَافُ المُرْجِئَةِ، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الفَاسِقَ مُؤْمِنٌ كَامِلُ الإِيمَانِ" (١).
وَقَدْ أَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ ﵀ هَذِهِ العَقِيدَةَ فِي مَعْرِضْ شَرْحِهِ لِحَدِيثِ قُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ قَيْسٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ ﵀: "وَفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ، لأَنَّه فَسَّرَ الإِيمَانَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَبِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَدَاءِ الخُمُسِ، وَذَلِكَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ (٢).
وبَيَّنَهُ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ لَمَّا عَرَضَ لِقَوْلِ وَهْبِ بن مُنَبَّهِ لَمَّا سُئِلَ: (أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فَتَحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يَفْتَحْ لَكَ).
قالَ ﵀: أَرَادَ بِأَسْنَانِ الْمَفَاتِيحِ القَوَاعِدَ الَّتِي بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَيْهَا، الَّتِي هِيَ كَمَالُ الدِّينِ وَدَعَائِمُهُ، خِلَافَ قَوْلِ الجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الْفَرَائِضَ لَيْسَتْ
(١) جامع العلوم والحكم (١/ ١١٤ - ١١٥).(٢) قِسم التَّحْقِيقِ (٢/ ١٣٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute