اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ العَصْرِ:
فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَحْمَدُ (٢): الْمُرَادُ بِذَلِكَ النَّافِلَةُ دُونَ الْفَرْضِ وَالفَرَائِضِ الفَائِتَةِ؛ لِأَنَّهَا تُصَلَّى أَيَّ وَقْتٍ ذُكِرَتْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً فَلَا يَصِحُّ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ إِلَّا فِي الوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): الْمُرَادُ بِهِ النَّافِلَةُ الْمُبْتَدَأَةُ، وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ وَالْمَسْنُونَاتُ، أَوْ مَا كَانَ يُواظَبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّوَافِلِ فَلَا، وَاحْتَجَّ بِالإِجْمَاعِ عَلَى صَلَاةِ الجَنَازَةِ، وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: (قَضَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ) (٤).
وَقَالَ الكُوفِيُّونَ (٥): إِذَا بَرَزَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَرْتَفِعَ، وَإِذَا تَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى فِيهَا فَرِيضَةٌ وَلَا نَافِلَةٌ، وَلَا عَلَى جَنَازَةٍ إِلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ خَاصَّةً.
واحتَجَّ بعضُ العلَمَاء بما رُويَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّه (نَهَى عَنِ الصَّلاةِ عندَ طُلُوعِ الشَّمسِ وعِندَ غرُوبِهَا) (٦)، وبحدِيثِ: (لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ عندَ طُلُوعِ الشَّمسِ ولَا عِندَ غُروبهَا) (٧).
(١) ينظر: البيان والتحصيل لابن رشد (٢/ ١٥٠).(٢) ينظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج (٢/ ٤٢٧)، والإنصاف للمرداوي (٢/ ٢٠٢).(٣) مختصر المزني (ص: ١٩)، روضة الطالبين للنووي (١/ ١٩٢ - ١٩٣).(٤) أخرجه البخاري (رقم: ٤٣٧٠)، ومسلم (رقم: ٨٣٤).(٥) كتاب الأصل لمحمَّد بن الحسن (١/ ١٥٠ - ١٥١).(٦) أخرجه البخاري (رقم: ١٦٢٩).(٧) أخرجه البخاري (رقم: ٥٨٢) ومسلم (رقم: ٨٢٨) من حدِيث عبدِ الله بن عُمَرَ مَرفوعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute