والقاضي عياض (١)، والقرطبي، وغيرهم (٢)، وعزاه ابن بطال لبعض السلف (٣).
قال القرطبي:"وقوله: (فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك) اختلف العلماء في تأويله، فالذي صار إليه الباجي وغيره، وهو الأشبه بمساق الأحاديث: أن هؤلاء الذين يقال لهم هذا القول ناس نافقوا وارتدوا من الصحابة وغيرهم، فيحشرون في أمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما تقدم من قوله:(وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)(٤) وعليهم سيما هذه الأمة، من الغرة والتحجيل، فإذا رآهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عرفهم بالسيما، ومن كان من أصحابه بأعيانهم، فيناديهم:(ألا هَلُمَّ)، فإذا انطلقوا نحوه حيل بينهم وبينه، وأُخِذَ بهم ذات الشمال، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا رب أمتي ومن أمتي)، وفي لفظ آخر:(أصحابي)، فيقال له إذ ذاك:(إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وإنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم) "(٥).
واستدل أصحاب هذا القول بظاهر الأحاديث المتقدمة (٦).
القول الثاني: أن المراد بالردة في هذه الأحاديث: الردة عن الاستقامة، وذلك باقتراف السيئات وترك الواجبات، والإحداث في الدين، وعلى هذا يكون المُذَادُون عن الحوض: أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن
(١) انظر: إكمال المعلم (٢/ ٥١). (٢) انظر: شرح النووي على مسلم (٣/ ١٣٨ - ١٣٩)، و (١٧/ ٢٠٠)، والاعتصام (١/ ١٠٨)، والفتح (١١/ ٣٨٦)، ومختصر التحفة الاثني عشرية (٢٧٣)، والانتصار للصحابة الأخيار (١٣٠). (٣) انظر: شرح صحيح البخاري (١٠/ ٧). (٤) متفق عليه من حديث أبي هريرة، وقد تقدم تخريجه ص (١٦٥). (٥) المفهم (١/ ٥٠٤)، وانظر: إكمال المعلم (٢/ ٥١). (٦) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (١٠/ ٧)، وإكمال المعلم (٢/ ٥٢)، و (٧/ ٢٦٩)، و (٨/ ٣٩١)، وشرح النووي على مسلم (١٧/ ٢٠٠).