فقالوا: إن هذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن السحر إنما هو مجرد تمويه وتخييل على الأعين، وتحيل وكيد مفتعل لا حقيقة له ولا تأثير (١).
قال ابن حزم:"وقد نص الله -عَزَّ وَجَلَّ- على ما قلنا، فقال:{فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}، فأخبر تعالى أن عمل أولئك السحرة إنما كان تخيلًا لا حقيقة له، وقال تعالى:{إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}، فأخبر تعالى أنه كيد لا حقيقة له ... وقال تعالى:{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} أي: أنهم أوهموا الناس فيما رأوه ظنونًا متوهمة لا حقيقة لها، ولو فتشوها للاح لهم الحق"(٢).
٣ - أنه لو كان للسحر تأثير وحقيقة لتعذر الاستدلال بالمعجزات على النبوات، لأنها حينئذٍ تشتبه، فلا يمكن التفريق والتمييز بين السحر والمعجزة.
قال الجصاص -مبينًا ما يلزم على القول: بحقيقة السحر وتأثر النبي -صلى الله عليه وسلم- به-: يلزم من ذلك أن "لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة، وأن جميعه من نوع واحد، والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء -عَلَيْهِم السَّلَام-، وإثبات معجزاتهم، وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة"(٣).
وقال الرازي في مَعْرِض بيان حجج المعتزلة، أنهم قالوا:"لو جاز ذلك من السحر، فكيف يتميز المعجز عن السحر"(٤).
(١) انظر: الكشاف (٢/ ٤٨٦)، وأحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٣، ٤٩)، والتفسير الكبير (١٤/ ٢٠٣)، والجامع لأحكام القرآن (٢/ ٤٦)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ٢١٣)، وأضواء البيان (٤/ ٤٧٤). (٢) الفصل (٣/ ١٧١ - ١٧٢) بتصرف يسير. (٣) أحكام القرآن (١/ ٤٩). (٤) التفسير الكبير (٣/ ٢١٤)، وانظر: (٣/ ٣٠٦)، والمحلى (١/ ٥٨)، والدرة (١٩٤)، =