من أصحابه، فجاء فقال:(يا عائشة، كأن ماءها نُقَاعةُ الحِنَّاء (١)، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين) قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال:(قد عافاني الله، فكرهت أن أثوِّرَ على الناس فيه شرًا)، فأمر بها فدفنت.
وفي رواية: قالت عائشة: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فقال:(لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرًا)، متفق عليه (٢).
وفي رواية للبخاري: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن -قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا- فقال:(يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم -رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا- قال: وفيم؟ قال: في مشط ومُشَاقَةٍ (٣)، قال: وأين؟ قال في جفِّ طلعة ذكرٍ، تحت رَعُوفَةٍ (٤) في بئر ذروان)، قالت: فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- البئر حتى
= [انظر: تهذيب اللغة (١٠/ ٢٧٠) مادة (جف)، والنهاية في غريب الحديث (١/ ٢٧٨) شرح النووي على مسلم (١٤/ ٤٢٨)، وكشف المشكل (٤/ ٣٤٠)، وفتح الباري (١٠/ ٢٢٩)]. (١) أي أن لون ماء البئر لون الماء الذي ينقع فيه الحناء، يعني: أحمر. [انظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ٤٢٨)، وفتح الباري (١٠/ ٢٣٠)]. (٢) البخاري في مواضع: في كتاب الطب، باب: السحر (٥/ ٢١٧٤) ح (٥٤٣٠)، وفي كتاب بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (٣/ ١١٩٢) ح (٣٠٩٥)، وفي كتاب الدعوات، باب: تكرير الدعاء (٥/ ٢٣٤٧) ح (٦٠٢٨)، ورواه مختصرًا في كتاب الجزية، باب: هل يُعفى عن الذمي إذا سحر (٣/ ١١٥٩) ح (٣٠٠٤)، ومسلم في كتاب السلام، باب: السحر (١٤/ ٤٢٤) ح (٢١٨٩). (٣) هي بمعنى: المشاطة، وقد تقدمت قريبًا. [نظر: تهذيب اللغة (٨/ ٢٦٥) مادة (مشق)، والنهاية في غريب الحديث (٤/ ٣٣٤)، وفتح الباري (١٠/ ٢٣٢)]. (٤) هي صخرة تُترك في أسفل البئر إذا حُفرت، تكون ناتئة هناك، فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المُنقِّي عليها، وقيل: هي حجر يكون على رأس البئر يقوم المُستَقي =