ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، كانت ليرى عيانًا ما كان عنده من علم ذلك خبرًا" (١).
المسلك الثاني: الاستدلال بالحديث على وقوع الشك من إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وذلك عند ما سأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى، وكان هذا لعارض عرض له من الشيطان.
وقوله:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} أي: لئلا يقدر الشيطان أن يلقي في قلبي مثل الذي ألقى من الشك (٢).
حكى هذا القول الطبري ورجحه، واستند في ذلك إلى ما يلي (٣):
١ - ما رواه هو عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال في قوله تعالى:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}: "ما في القرآن آية أرجى عندي منها".
٢ - وما رواه أيضًا عن عطاء بن أبي رباح (٤) أنه قال في هذه الآية: "دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس، فقال:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} ".
٣ - حديث:(نحن أحق بالشك من إبراهيم)، حيث جعل ظاهره -كما تقدم- يدل على وقوع الشك من إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
فأصحاب هذا القول جعلوا سبب سؤال إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ما عرض له في قلبه من الشك.
(١) جامع البيان (٣/ ٥٠). (٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٩٨)، وفتح الباري (٦/ ٤١٠). (٣) انظر: جامع البيان (٣/ ٥١)، والمحرر الوجيز لابن عطية (٢/ ٣٠١)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٩٨)، وفتح الباري (٦/ ٤١١). (٤) هو عطاء بن أبي رباح القرشي مولاهم المكي الثقة الفقيه الفاضل مفتي أهل مكة ومحدثهم، سمع من عائشة وأبي هريرة وابن عباس وطائفة من الصحابة -رضي الله عنهم-، له مناقب في العلم والزهد والتأله كثيرة، توفي -رَحِمَهُ الله- سنة (١١٤ هـ)، وقيل سنة (١١٥). [انظر: تذكرة الحفاظ (١/ ٩٨)، والسير (٥/ ٧٨)، وتقريب التهذيب (١/ ٦٧٤)].