وتكذيب القدرية لهذا الحديث مردود، لأنه ثابت في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق.
قال ابن منده بعدما ساق عددًا من طرق هذا الحديث: "هذه أحاديث صحاح ثابتة لا مدفع لها، ولهذا الحديث طرق عن أبي هريرة" (٢).
وقال ابن عبد البر: "هذا حديث صحيح ثابت من جهة الإسناد، لا يختلفون في ثبوته، رواه عن أبي هريرة جماعة من التابعين، وروي من وجوه عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، من رواية الثقات الأئمة الأثبات" (٣).
وقال ابن القيم: "هذا حديث صحيح متفق على صحته، لم تزل الأمة تتلقاه بالقبول من عهد نبيها قرنًا بعد قرن، وتقابله بالتصديق والتسليم، ورواه أهل الحديث في كتبهم وشهدوا به على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنه قاله، وحكموا بصحته" (٤).
وقال ابن حجر عن هذا الحديث: "وقع لنا من طريق عشرة عن أبي هريرة" (٥).
وأما الرأي الثاني: وهو ما ذهبت إليه الجبرية من تسويغ الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي، والاعتماد في ذلك على هذا الحديث، فهو باطل من عدة وجوه:
١ - أن الإجماع منعقد على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي.
قال ابن تيمية: "الاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة باتفاق كل ذي
(١) التمهيد (١٨/ ١٧). (٢) الرد على الجهمية (٧١ - ٧٢). (٣) التمهيد (١٨/ ١٢). (٤) شفاء العليل (١/ ٤٦). (٥) فتح الباري (١١/ ٥٠٦)، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٧٧).